فكذلك ازدياد الإثم جعل علة للإملاء، وسبباً فيه.
( فإن قلت ) : كيف يكون ازدياد الإثم علة للإملاء، كما كان العجز علة للقعود عن الحرب ؟ ( قلت ) : لمّا كان في علم الله المحيط بكلّ شيء أنَّهم مزدادون إثماً، فكان الإملاء وقع لأجله وبسببه على طريق المجاز انتهى كلامه.
وكله جار على طريقة المعتزلة.
وقال الماتريدي : المعتزلة تناولوها على وجهين : أحدهما : على التقديم والتأخير.
أي : ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم ليزدادو إثماً، إنما نملي لهم خير لأنفسهم.
الثاني : أنّ هذا إخبار منه سبحانه وتعالى عن حسبانهم فيما يؤول إليه أمرهم في العاقبة، بمعنى أنهم حسبوا أن إمهالهم في الدّنيا وإصابتهم الصحة والسلامة والأموال خير لأنفسهم في العاقبة، بل عاقبة ذلك شرٌّ.
وفي التأويل إفساد النظم، وفي الثاني تنبيه على من لايجوز تنبيهه.
فإنّ الأخبار عن العاقبة يكون لسهو في الابتداء أو غفله، والعالم في الابتداء لا ينبه نفسه انتهى كلامه.
وكتبوا ما متصلة بأن في الموضعين.
قيل : وكان القياس الأولى في علم الخط أن تكتب مفصوله، ولكنها وقعت في الإمام متصلة فلا تخالف، ونتبع سنة الإمام في المصاحف.
وأما الثانية، فحقها أن تكتب متصلة لأنها كافة دون العمل، ولا يجوز أن تكون موصولة بمعنى الذي.
ولا مصدرية، لأن لازم كي لا يصحّ وقوعها خبر للمبتدأ ولا لنواسخه.
وقيل : اللام في ليزدادوا للصيرورة. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ١٢٩﴾. بتصرف يسير.
فصل
قال الفخر :
احتج أصحابنا بهذه الآية في مسألة القضاء والقدر من وجوه :
الأول : أن هذا الاملاء عبارة عن اطالة المدة، وهي لا شك أنها من فعل الله تعالى، والآية نص في بيان أن هذا الاملاء ليس بخير، وهذا يدل على أنه سبحانه فاعل الخير والشر.