الثاني : أنه تعالى نص على أن المقصود من هذا الاملاء هو أن يزدادوا الاثم والبغي والعدوان، وذلك يدل على أن الكفر والمعاصي بإرادة الله، ثم إنه تعالى أكد ذلك بقوله :﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ أي إنما نملي لهم ليزدادوا إثما وليكون لهم عذاب مهين.
الثالث : أنه تعالى أخبر عنهم أنهم لا خير لهم في هذا الإملاء، أنهم لا يحصلون إلا على ازدياد البغي والطغيان، والاتيان بخلاف مخبر الله تعالى مع بقاء ذلك الخير جمع بين النقيضين وهو محال، وإذا لم يكونوا قادرين مع ذلك الاملاء على الخير والطاعة مع أنهم مكلفون بذلك لزم في نفسه بطلان مذهب القوم.
قالت المعتزلة :
أما الوجه الأول : فليس المراد من هذه الآية أن هذا الاملاء ليس بخير، إنما المراد أن هذا الاملاء ليس خيرا لهم من أن يموتوا كما مات الشهداء يوم أحد، لأن كل هذه الآيات في شأن أحد وفي تثبيط المنافقين المؤمنين عن الجهاد على ما تقدم شرحه في الآيات المتقدمة، فبين تعالى أن إبقاء الكافرين في الدنيا وإملاءه لهم ليس بخير لهم من أن يموتوا كموت الشهداء، ولا يلزم من نفي كون هذا الاملاء أكثر خيرية من ذلك القتل، أن لا يكون هذا الاملاء في نفسه خيرا.