ورابعها : وهو السؤال الذي ذكرته للقوم وهو أن اللام في قوله :﴿لِيَزْدَادُواْ إِثْمَاً﴾ غير محمول على الغرض باجماع الأمة، أما على قول أهل السنة فلأنهم يحيلون تعليل أفعال الله بالأغراض، وأما على قولنا فلأنا لا نقول بأن فعل الله معلل بغرض التعب والايلام، بل عندنا أنه تعالى لم يفعل فعلا إلا لغرض الإحسان، وإذا كان كذلك فقد حصل الاجماع على أن هذه اللام غير محمولة على التعليل والغرض، وعند هذا يسقط ما ذكرتم من الاستدلال، ثم بعد هذا : قول القائل : ما المراد من هذه اللام غير ملتفت إليه، لأن المستدل إنما بنى استدلاله على أن هذه اللام للتعليل، فإذا بطل ذلك سقط استدلاله.
وأما الوجه الثالث : وهو الإخبار والعلم فهو معارض بأن هذا لو منع العبد من الفعل لمنع الله منه، ويلزم أن يكون الله موجباً لا مختارا، وهو بالاجماع باطل.
والجواب عن الأول : أن قوله :﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الذين كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ﴾ معناه نفي الخيرية في نفس الأمر، وليس معناه أنه ليس خيرا من شيء آخر، لأن بناء المبالغة لا يجوز ذكره إلا عند ذكر الراجح والمرجوح، فلما لم يذكر الله ههنا إلا أحد الأمرين عرفنا أنه لنفي الخيرية لا لنفي كونه خيرا من شيء آخر.
وأما السؤال الثاني : وهو تمسكهم بقوله :﴿وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ [ الذاريات : ٥٦ ] وبقوله تعالى :﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إلاَّ لِيُطَاعَ﴾ [ النساء : ٦٤ ].
فجوابه : أن الآية التي تمسكنا بها خاص، والآية التي ذكرتموها عام، والخاص مقدم على العام.