وأن ذلك الإملاء المنتج عنه في الدنيا التعزز والاستطالة مآله في الآخرة إلى إهانتهم بالعذاب الذي يهين الجبابرة. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ١٢٩ ـ ١٣٠﴾
فوائد لغوية
قال ابن عادل :
قرأ الجمهور " يحسبن " بالغيبة، وحمزة بالخطاب، وحكى الزّجّاج عن خلق كثير كقراءة حمزة إلا أنهم كسروا " أنما " ونصبوا " خير " وأنكرها ابن مجاهدٍ - وسيأتي إيضاح ذلك - وقرأ يحيى بن وثاب بالغيبة وكسر " إنما ". وحكى عنه الزمخشري - أيضاً - أنه قرأ بكسر " أنما " الأولى وفتح الثانية مع الغيبة، فهذه خَمْسُ قراءاتٍ.
فأما قراءة الجمهور، فتخريجها واضح، وهو أنه يجوز أن يكون الفعل مسنداً إلى " الذين " و" أن " وما اتصل بها سادَّة مسد المفعولين - عند سيبويه - أو مسدَّ أحدهما، والآخر محذوف عند الأخفش - ويجوز أن يكون مسنداً إلى ضمير غائب، يراد به النبي ﷺ أي لا يحسبن النبي صلى الله عليه وسلم. فعلى هذا أن يكون " الذين كفروا " مفعولاً أول، وأما الثاني فسيأتي الكلام عليه في قراءة حمزة، لتتحد هذه القراءة - على هذا الوجه - مع قراءة حمزة رحمه الله، وسيأتي تخريجها.
و " ما " يجوز أن تكون موصولة اسمية، فيكون العائد محذوفاً، لاستكمال الشروط، أي : الذي نمليه ويجوز أن تكون مصدرية - أي : إملاءنا - وهي اسم " إن " و" خير " خبرها.
قال أبو البقاء :" ولا يجوز أن تكون كافةً، وزائدة ؛ إذ لو كان كذلك لانتصب " خير " بـ " نملي " واحتاجت " أن " إلى خبر، إذا كانت " ما " زائدة، أو قدر الفعل يليها، وكلاهما ممتنع " انتهى. وهي من الواضحات. وكتبوا " أنماط - في الموضعين - متصلة، وكان من حق الأولى الفصل ؛ لأنها موصولة.
وأما قراءة حمزة فاضطربت فيها أقوال الناس وتخاريجهم، حتى أنه نُقل عن ابن أبي حاتم أنها لحن.