الرابع : أن يكون :" أنما نملي لهم " بدلاً من :" الذين كفروا " بدل اشتمال - أي : إملاءنا - و" خير " بالرفع - خبر مبتدأ محذوف، أي : هو خير لأنفسهم، والجملة هي المفعول الثاني، نقل ذلك أبو شامة عن بعضهم، ثم وقال : قُلْتُ : ومثل هذه القراءة بيت الحماسةِ.
فِينَا الأنَاةُ، وَلبَعْضُ الْقَوْمِ يَحْسَبُنَا... أَنَّا بِطَاءٌ، وَفِي إبْطَائِنَا سَرَعُ
كذا جاءت الرواية بفتح " أنا " بعد ذكر المفعول الأول، فعلى هذا يجوز أن تقول : حسبت زيداً أنه قائم، أي : حسبته ذا قيام.
فوجه الفتح أنها وقعت مفعولاً، وهي ما عملت فيه من موضع مفرد، وهو المفعول الثاني لـ " حسبت " انتهى.
وفيما قاله نظرٌ ؛ لأن النحاة نصُّوا على وجوب كسر " إن " إذا وقعت مفعولاً ثانياً، والأول اسم عين، وأنشدوا البيتَ المذكورَ على ذلك، وعلَّلوا وجوب الكسر بأنا لو فتحنا لكانت في محل مصدر، فيلزم منه الأخبار بالمعنى عن العين.
الخامس : أن يكون " الذين كفروا " مفعولاً به، و﴿ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ ليزدادوا إِثْمَاً ﴾ في موضع المفعول الثاني، و﴿ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ ﴾ مبتدأ وخبر اعترض به بين مفعولي " تحسبن " ففي الكلام تقديم وتأخير، نُقِل ذلك عن الأخفشِ.
قال أبو حاتم : وسمعتُ الأخفشَ يذكر فتح " أن " - يحتج به لأهل القَدَر لنه كان منهم - ويجعله على التقديم والتأخير، [ أي ] : ولا تحسبنَّ الذين كفروا أنما نثمْلي لهم ليزدادوا إثماً، إنما نملي لهم إلا ما هو خير لأنفسهم. انتهى.