قيل : إن معنى ذلك ما وصفنا، من وصفه نفسه بالبقاء، وإعلام خلقه أنه كتِب عليهم الفناء. وذلك أنّ ملك المالك إنما يصير ميراثًا بعد وفاته، فإنما قال جل ثناؤه :"ولله ميراث السموات والأرض"، إعلامًا بذلك منه عبادَه أن أملاك جميع خلقه منتقلة عنهم بموتهم، وأنه لا أحد إلا وهو فانٍ سواه، فإنه الذي إذا أهلك جميع خلقه فزالت أملاكهم عنهم، لم يبق أحدٌ يكون له ما كانوا يملكونه غيره. أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ٧ صـ ٤٤٠ ـ ٤٤١﴾
قوله تعالى ﴿والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾
قال الفخر :
قرأ ابن كثير وأبو عمرو ﴿بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ بالياء على المغايبة كناية عن الذين يبخلون، والمعنى والله بما يعملون خبير من منعهم الحقوق فيجازيهم عليه، والباقون قرؤا بالتاء على الخطاب، وذلك لأن ما قبل هذه الآية خطاب وهو قوله :﴿وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [ آل عمران : ١٧٩ ] والله بما تعملون خبير فيجازيكم عليه، والغيبة أقرب إليه من الخطاب قال صاحب الكشاف : الياء على طريقة الالتفات، وهي أبلغ في الوعيد. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ٩٤﴾
وقال أبو السعود :
﴿ والله بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ من المنع والبخلِ ﴿ خَبِيرٌ ﴾ فيجازيكم على ذلك. وإظهارُ الاسمِ الجليلِ في موضع الإضمارِ لتربية المهابةِ، والالتفاتُ للمبالغة في الوعيد، والإشعارِ باشتداد غضبِ الرحمن الناشىءِ من ذكر قبائحِهم. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٢ صـ ١٢١﴾
فوائد بلاغية
قال أبو حيان :
وتضمنت هذه الآيات فنوناً من البلاغة والبديع.
الاختصاص في : أجر المؤمنين.
والتكرار في : يستبشرون، وفي : لن يضروا الله شيئاً، وفي : اسمه في عدة مواضع، وفي : لا يحسبن الذين كفروا، وفي ذكر الإملاء.
والطباق في : اشتروا الكفر بالإيمان، وفي : ليطلعكم على الغيب.


الصفحة التالية
Icon