وروى الأعمش عن زيد بن وهب عن عبدالرحمن بن عبد رب الكعبة عن عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ قال :" من سَرّه أن يُزَحزَح عن النار وأن يدخل الجنة فلتأته منيّته وهو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويأتي إلى الناس الذي يُحب أن يُؤتى إليه " عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ " موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها اقرءوا إن شئتم ﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةِ فَقَدْ فَازَ ﴾ ". أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ٣٠٢﴾
لطيفة
قال ابن عاشور :
وإنّما جُمع بين ﴿ زُحزح عن النار وأدخل الجنة ﴾، مع أنّ في الثاني غنية عن الأوّل، للدلالة على أنّ دخول الجنة يشتمل على نعمتين عظيمتين : النجاة من النار، ونعيم الجنّة.
ومعنى ﴿ فقد فاز ﴾ نال مبتغاه من الخير لأنّ ترتّب الفوز على دخول الجنّة والزحزحة عن النار معلوم فلا فائدة في ذكر الشرط إلاّ لهذا.
والعرب تعتمد في هذا على القرائن، فقد يكون الجواب عين الشرط لبيان التحقّق، نحو قول القائل : من عرفني فقد عرفني، وقد يكون عينه بزيادة قيد نحو قوله تعالى :﴿ وإذا مروا باللغو مروا كراما ﴾ وقد يكون على معنى بلوغ أقصى غايات نوع الجواب والشرط كما في هذه الآية وقوله :﴿ ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته ﴾ على أحد وجهين، وقول العرب :"مَنْ أدرك مَرْعَى الصَّمَّان فقَدْ أدرك" وجميع ما قرّر في الجواب يأتي مثله في الصفة ونحوها كقوله :﴿ ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا ﴾ [ القصص : ٦٣ ]. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٢٠١ ـ ٢٠٢﴾


الصفحة التالية
Icon