قوله تعالى ﴿وَما الحياة الدنيا إِلاَّ متاع الغرور﴾
قال الفخر :
الغرور مصدر من قولك : غررت فلاناً غروراً شبه الله الدنيا بالمتاع الذي يدلس به على المستام ويغر عليه حتى يشتريه ثم يظهر له فساده ورداءته والشيطان هو المدلس الغرور، وعن سعيد بن جبير : أن هذا في حق من آثر الدنيا على الآخرة، وأما من طلب الآخرة بها فإنها نعم المتاع، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٠٣﴾
وقال القرطبى :
﴿ وَما الحياة الدنيا إِلاَّ مَتَاعُ الغرور ﴾ أي تَغرّ المؤمنَ وتَخدَعُه فَيظُن طول البقاء وهي فانية.
والمتاع ما يُتمتع به وينتفع ؛ كالفأس والقِدْر والقَصعة ثم يزول ولا يبقى ملكه ؛ قاله أكثر المفسرين.
قال الحسن : كخضرة النبات، ولعب البنات لا حاصل له.
وقال قَتادة : هي متاع متروك توشك أن تضمحل بأهلها ؛ فينبغي للإنسان أن يأخذ من هذا المتاع بطاعة الله سبحانه ما استطاع.
ولقد أحسن من قال :
هي الدارُ دار الأذى والقَذَى...
ودارُ الفناء ودارُ الغِيرَ
فلو نلتَها بحذافيرها...
لمُتّ ولم تَقْض منها الوَطَرْ
أيَا مَن يؤمّل طولَ الخلود...
وطُولُ الخلود عليه ضَرَرْ
إذا أنت شِبْت وبان الشَباب...
فلا خير في العيش بعد الكِبَر
والغَرور ( بفتح الغين ) الشيطان ؛ يَغُر الناس بالتّمنية والمواعيد الكاذبة.
قال ابن عرفة : الغرور ما رأيتَ له ظاهراً تّحبه، وفيه بَاطِن مكروه أو مجهول.
والشيطان غَرور ؛ لأنه يحمل على محاب النفس، ووراء ذلك ما يسوء.
قال : ومن هذا بيع الغَرَر، وهو ما كان له ظاهرُ بيع يَغُرّ وباطنٌ مجهول. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٤ صـ ٣٠٢﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أن فساد الدنيا من وجوه :
أولها : أنه لو حصل للإنسان جميع مراداته لكان غمه وهمه أزيد من سروره، لأجل قصر وقته وقلة الوثوق به وعدم علمه بأنه هل ينتفع به أم لا،


الصفحة التالية
Icon