فوائد لغوية
قال ابن عادل :
قوله :﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الموت ﴾ مبتدأ وخبر، وسوَّغَ الابتداء بالنكرة العموم والإضافة.
والجمهور على " ذَائِقَةٌ المَوْتَ " بالتنوين والنَّصْب في " الْمَوْتِ " على الأصل.
وقرأ الأعمشُ بعدم التنوين ونَصْب " الْمَوْت " وذلك على حَذْف التنوين ؛ لالتقاء الساكنين وإرادته وهو كقول الشاعرِ :[ المتقارب ]
فأَلْقَيْتُهُ غَيْرَ مُسْتَعْتَبٍ... وَلاَ ذَاكِرَ اللهَ إلاَّ قَلِيلا
- بنصب الجلالة - وقراءة مَنْ قرأ ﴿ قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ الله ﴾ [ الإخلاص : ١، ٢ ] - بحذف التنوين من " أحَدٌ " لالتقاء الساكنين.
[ ونقل ] أبو البقاء - فيها - قراءةً غريبةً، وتخريجاً غريباً، قال :" وتقرأ شاذاً - أيضاً - ذَائِقُهُ الْمَوْتُ على جعل الهاء ضمير " كل " على اللفظ، وهو مبتدأ وخبرٌ، وإذا صحت هذه قراءةٌ فتكون " كل " مبتدأ، و" ذَائِقُهُ " خبر مقدَّم، و" الْمَوْتُ " مبتدأ مؤخرٌ، والجملة خبر " كُلّ " وأضيف " ذائق " إلى ضمير " كل " باعتبار لفظها، ويكون هذا من باب القلب في الكلام ؛ لأن النفس هي التي تذوق الموت وليس الموت يذوقها، وهنا جعل الموت هو الذي يذوق النفس، قَلْباً للكلامِ ؛ لفهم المعنى، كقولهم : عَرَضْتُ الناقة على الحوض، ومنه قوله :﴿ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الذين كَفَرُواْ على النار ﴾ [ الأحقاف : ٣٤ ] وقولك : أدخلت القلنسوة في رأسي.
وقول الشَّاعرِ :[ البسيط ]
مِثْلُ القَنَافِذِ هَدَّاجُونَ قَدْ بَلَغَتْ... نَجْرَانَ، أوْ بَلَغَتْ سَوْآتِهِمْ هَجَرُ
الأصل : عرضت الحوض على الناقة، ويوم تُعْرَض النار على الذين كفروا، وأدخلت رأسي في القلنسوة، وبلغت سوآتهم هَجَرَ، فقلبت. وسيأتي خلافُ النّاسِ في القلب في موضعه إن شاء الله - تعالى -.


الصفحة التالية
Icon