١ - يترتب عليه أن تكون التنظيمات الاجتماعية كلها في المجتمع - شأنها شأن الشعائر التعبدية - مرتكنة إلى هذا الأصل الكبير، مستندة إلى معنى الدين، وحد الإيمان، وشرط الإسلام، على هذا النحو الذي قررته تلك النماذج التي أسلفنا. فهي ليست مجرد تنظيمات وتشريعات. إنما هي مقتضى الإيمان بالله والاعتراف بألوهيته، وإفراده بالألوهية، والتلقي من القيادة التي يحددها.. ومن ثم نرى كل التشريعات والتنظيمات التي أشرنا إليها تستند إلى هذه الجهة، وينص في أعقابها نصا على هذه الحقيقة :
آية الافتتاح التي تقرر وحدة البشرية، وتدعو الناس إلى رعاية وشيجة الرحم، وتعد مقدمة لسائر التنظيمات التي تلتها في السورة.. تبدأ بدعوة الناس إلى تقوى ربهم الذي خلقهم من نفس واحدة :(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة).. وتنتهي إلى تقواه، وتحذيرهم من رقابته :(إن الله كان عليكم رقيبا)..
والآيات التي تحض على رعاية أموال اليتامى، وتبين طريقة التصرف في أموالهم تنتهي بالتذكير بالله وحسابه :(وكفى بالله حسيبا)..
وتوزيع أنصبة الميراث في الأسرة يجيء وصية من الله :(يوصيكم الله في أولادكم...) (فريضة من الله).. وتنتهي تشريعات الإرث بهذا التعقيب :(تلك حدود الله، ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها، وذلك الفوز العظيم. ومن يعص الله ورسوله، ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين)..