.. في الوقت الذي كانت يهود تكيد ذلك الكيد الجاهد للإسلام ونبيه، وللصف المسلم وقيادته.. كان القرآن يصنع الأمة المسلمة على عين الله، فيرتفع بتصوراتها وأخلاقها، ونظامها وإجراءاتها إلى القمة السامقة.. وكان يعلج حادثا يتعلق بيهودي فرد، هذا العلاج الذي سنذكره..
كان الله يأمر الأمة المسلمة بالأمانة المطلقة، وبالعدل المطلق "بين الناس".. الناس على اختلاف أجناسهم وعقائدهم، وقومياتهم وأوطانهم.. كان يقول لهم :(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل. إن الله نعما يعظكم به ! إن الله كان سميعا بصيرا).. [ آية ٥٨ ].. وكان يقول لهم :(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله، ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين، إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما. فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا، وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا)..
ثم.. كانت الآيات ذوات العدد من القرآن تتنزل لإنصاف يهودي.. فرد.. من اتهام ظالم، وجهته إليه عصبة من المسلمين من الأنصار، ممن لم ترسخ في قلوبهم هذه المبادىء السامقة بعد، ولم تخلص نفوسهم من رواسب الجاهلية كل الخلوص. فدفعتهم عصبية الدم والعشيرة إلى تبرئة أحدهم باتهام هذا اليهودي ! والتواطؤ على اتهامه، والشهادة ضده - في حادث سرقة درع - أمام النبي ﴿صلى الله عليه وسلم﴾ حتى كاد أن يقضي عليه بحد السرقة، ويبرىء الفاعل الأصلي !


الصفحة التالية
Icon