قال ابن عيس : إنهم لم يستحسنوا عطف المظهر على الضمير المرفوع، فلا يجوز أن يقال :" اذهب وزيد " و" ذهبت وزيدا "، بل يقولون : اذهبْ أنت وزيد وذهبت أنا وزيد، قال تعالى :﴿ فاذهب أَنتَ وَرَبُّكَ ﴾ [ المائدة : ٢٤ ] مع أن الضمير المرفوع قد ينفصل، فإذا لم يجز عطف المظهر على الضمير المرفوع مع أنه أقوى من الضمير المجرور، بسبب أنه قد ينفصل ؛ فلأن لا يجوز عطف المظهر على الضمير المجرور، مع أنه [ لا ] ينفصل أَلْبَتَّةَ أولى.
والثاني : أنه ليس معطوفاً على الضمير المجرور، بل الواو للقسم وهو خفض بحرف القسم مقسم به، وجوابُ القسمِ ﴿ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ وضُعِّفَ هذا بوجهين :
أحدهما : أن قراءتي النصبِ وإظهار حرفِ الجر في بـ " الأرحام " يمنعان من ذلكَ، والأصلُ توافق القراءات.
والثاني : أنَّهُ نُهِيَ أن يُحْلَفَ بغيرِ الله تعالى، والأحاديثُ مُصَرَّحةٌ بذلك.
وَقَدَّرَ بَعْضهم مضافاً فراراً من ذلك فقال :" ورَبِّ الأرحام ".
قال أبو البقاء : وهذا قد أغنى عنه ما قبله " يعني : الحلف بالله تعالى.
ويمكن الجواب عن هذا بأن للهَ تعالى أن يُقسمَ بما يشاء من مخلوقاته [ كما أقسم ] بالشمس والنجم والليل، وإن كنا نَحْنُ منهيين عن ذلك، إلا أنَّ المقصود من حيث المعنى، ليس على القسم، فالأولى حمل هذه القراءات على العطف على الضمير، ولا التفات إلى طَعْنِ مَنْ طَعَنَ فيها.
وأجاب آخرون بأن هذا حكاية عن فعل كانوا يفعلونه في الجاهلية ؛ لأنهم كانوا يقولون : أسألك بالله وبالرحم، فمجيء هذا الفعل عنهم في الماضي لا ينافي ورود النهي عنه في المستقبل ؛ وأيضاً فالنهي ورد عن الحلف بالآباء فقط، وهاهنا ليس كذلك، بل هو حلف باللهِ أولاً، ثُمَّ قرن بِهِ بَعْدَ ذكر لرحم، وهذا لا ينافي مدلول الحديث.