كما اشترط أهل بَرِيرَةَ أن تعتقها عائشة والولاء لبائعها، فصحّح النبيّ ﷺ العقد وأبطل الشرط.
كذلك هاهنا يصحّ إسقاط بعضِ الصداق عنه وتبطل الزيجة.
وقال ابن عبد الحكم : إن كان بقي من صداقها مثلُ صداق مثلها أو أكثرُ لم ترجع عليه بشيء، وإن كانت وَضعت عنه شيئاً من صداقها فتزوّج عليها رجعت عليه بتمام صداق مثلها ؛ لأنه شَرط على نفسه شرطاً وأخذ عنه عِوَضاً كان لها واجباً أخذه منه، فوجب عليه الوفاء لقوله عليه السلام :" المؤمنون عند شروطهم ".
وفي الآية دليل على أن العتق لا يكون صداقاً ؛ لأنه ليس بمال ؛ إذْ لا يمكن المرأة هبته ولا الزوج أكله.
وبه قال مالك وأبو حنيفة وزُفَر ومحمد والشافعي.
وقال أحمد بن حنبل وإسحاق ويعقوب : يكون صداقاً ولا مهر لها غير العتق ؛ على حديث صفية رواه الأئمة : أن النبيّ ﷺ أعتقَها وجعل عتقَها صداقَها.
ورُوي عن أنَس أنه فَعَله، وهو راوي حديث صَفِيّة.
وأجَاب الأوّلون بأن قالوا : لا حجة في حديث صَفِيّة ؛ لأن النبيّ ﷺ كان مخصوصاً في النكاح بأن يتزوّج بغير صداق، وقد أراد زينَبَ فحُرمت على زيد فدخل عليها بغير وليّ ولا صداق.
فلا ينبغي الاستدلال بمثل هذا ؛ والله أعلم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٢٥ ـ ٢٦﴾. بتصرف يسير.

فصل


قال الفخر :
دلت هذه الآية على أمور :
منها : أن المهر لها ولا حق للولي فيه، ومنها جواز هبتها المهر للزوج، وجواز أن يأخذه الزوج، لأن قوله :﴿فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً﴾ يدل على المعنيين، ومنها جواز هبتها المهر قبل القبض، لأن الله تعالى لم يفرق بين الحالتين.


الصفحة التالية
Icon