وهذه الآية ركن من أركان الدين، وعمدة من عمد الأحكام، وأُمّ من أُمّهات الآيات ؛ فإن الفرائض عظيمة القدر حتى أنها ثُلث العلم، وروي نصفُ العلم.
وهو أوّل علم يُنزع من الناس ويُنسى.
رواه الدارقطنيّ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ ﷺ قال :" تعلّموا الفرائض وعلِّموه الناس فإنه نصفُ العلم وهو أوّل شيء يُنسى وهو أوّل شيء يُنتزع من أُمّتي " وروي أيضاً عن عبد الله بن مسعود قال قال لي رسول الله ﷺ :" تعلموا القرآن وعلموه الناس وتعلموا الفرائض وعلموها الناس وتعلموا العلم وعلموه الناس فإني امرؤ مقبوض وإنّ العلم سيقبض وتظهر الفِتَن حتى يختلف الاثنان في الفريضة لا يجدان من يفصل بينهما " وإذا ثبت هذا فاعلم أن الفرائض كان جُلّ علم الصحابة، وعظيم مناظرتهم، ولكنّ الخلق ضيّعوه.
وقد روى مُطَرِّف عن مالك، قال عبد الله بن مسعود : من لم يتعلم الفرائضَ والطلاق والحج فبِم يفضل أهل البادية ؟ وقال ابن وهب عن مالك : كنت أسمع ربيعة يقول : من تعلم الفرائض من غير علم بها من القرآن ما أسرع ما ينساها.
قال مالك : وصدق.
روى أبو داود والدارقطنيّ عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله ﷺ قال :" العلم ثلاثة وما سِوى ذلك فهو فضل : آية مُحكمةٌ أو سنّةٌ قائمة أو فريضةٌ عادلة " قال الخطّابِيّ أبو سليمان : الآية المحكمة هي كتاب الله تعالى : واشترط فيها الإحكام ؛ لأن من الآي ما هو منسوخ لا يعمل به، وإنما يعمل بناسخه.
والسنة القائمة هي الثابتة مما جاء عنه ﷺ من السنن الثابتة.
وقوله :" أو فريضة عادلة " يحتمل وجهين من التأويل : أحدهما أن يكون من العدل في القسمة ؛ فتكون معدّلة على الأنصباء والسهام المذكورة في الكتاب والسنة.


الصفحة التالية
Icon