وأما أسباب التوارث في الإسلام، فقد ذكرنا أن في أول الأمر قرر الحلف والتبني، وزاد فيه أمرين آخرين : أحدهما : الهجرة، فكان المهاجر يرث من المهاجر.
وان كان أجنبيا عنه، إذا كان كل واحد منهما مختصا بالآخر بمزيد المخالطة والمخالصة، ولا يرثه غير المهاجر، وإن كان من أقاربه.
والثاني : المؤاخاة، كان الرسول ﷺ يؤاخي بين كل اثنين منهم، وكان ذلك سببا للتوارث، ثم إنه تعالى نسخ كل هذه الأسباب بقوله :﴿وَأُوْلُواْ الارحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ فِي كتاب الله﴾ [ الأحزاب : ٦ ] والذي تقرر عليه دين الإسلام أن أسباب التوريث ثلاثة : النسب، والنكاح، والولاء. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٦٥﴾
لطيفة
قال القاسمى
واستنبط بعضهم من هذه الآية أنه تعالى أرحم بخلقه من الوالدة بولدها. حيث أوصى الوالدين بولدهما، فعلم أنه أرحم بهم منهم، كما جاء فى الحديث الصحيح وقد رأى امرأة من السبى، فرق بينها وبين ولدها فجعلت تدور على ولدها، فلما وجدته من السبى أخذته فألصقته بصدرها. فقال رسول الله ـ ﷺ ـ ( أترون هذه طارحة ولدها في النار ). قالوا لا يا رسول الله قال ( لله أرحم بعباده من هذه بولدها ). (١) أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ٣ صـ ٤٠﴾
فصل فى سبب نزول الآية
قال الفخر :
روى عطاء قال : استشهد سعد بن الربيع وترك ابنتين وامرأة وأخا، فأخذ الأخ المال كله، فأتت المرأة وقالت يا رسول الله هاتان ابنتا سعد، وإن سعداً قتل وان عمهما أخذ مالهما، فقال عليه الصلاة والسلام :" ارجعي فلعل الله سيقضي فيه " ثم إنها عادت بعد مدة وبكت فنزلت هذه الآية، فدعا رسول الله ﷺ عمهما وقال :" أعط ابنتي سعد الثلثين، وأمهما الثمن وما بقي فهو لك ".
فهذا أول ميراث قسم في الإسلام. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٦٥﴾
وقال القرطبى :
واختلفت الروايات في سبب نزول آية المواريث ؛ فروى الترمذيّ وأبو داود وابن ماجه والدارقطنِيّ عن جابر بن عبد الله " أن امرأة سَعْد بن الربيع قالت : يا رسول الله، إن سعداً هلك وترك بنتين وأخاه، فعمد أخوه فقبض ما ترك سعد، وإنما تنكح النساء على أموالهن ؛ فلم يجبها في مجلسها ذلك.
_________
(١) أخرجه البخارى (٥٦٥٣) ومسلم (٢٧٥٤) والبزار (٢٨٧) وابن أبى الدنيا فى " حسن الظن بالله " (١٨) والطبرانى فى الأوسط (٣٠٣٥) وفى الصغير (٢٧٣) والبيهقى فى شعب الإيمان (٧١٣٢) و(١١٠١٨) من حديث عمر بن الخطاب.