ولم يثبت قط في شرعنا أن الصبيّ ما كان يعطى الميراث حتى يقاتل على الفرس ويذب عن الحرِيم.
قلت : وكذلك قال القاضي أبو بكر بن العربيّ قال : ودل نزول هذه الآية على نكتة بديعة ؛ وهو أنّ ما كانت ( عليه ) الجاهلية تفعله من أخذ المال لم يكن في صدر الإسلام شرعاً مَسْكُوتا مُقَرّاً عليه ؛ لأنه لو كان شرعاً مقراً عليه لما حكَم النبيّ ﷺ على عمّ الصبيّتين بردّ ما أخذ من مالهما ؛ لأن الأحكام إذا مضت وجاء النسخ بعدها إنما يؤثِّر في المستقبل فلا ينقض به ما تقدّم وإنما كانت ظلامة رفعت. قاله ابن العربي. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٥٧ ـ ٥٩﴾

فصل


قال الفخر :
قال القفال : قوله :﴿يُوصِيكُمُ الله فِى أولادكم﴾ أي يقول الله لكم قولا يوصلكم إلى إيفاء حقوق أولادكم بعد موتكم، وأصل الايصاء هو الايصال يقال : وصى يصي إذا وصل، وأوصى يوصي إذا أوصل، فإذا قيل : أوصاني فمعناه أوصلني إلى علم ما أحتاج إلى علمه، وكذلك وصى وهو على المبالغة قال الزجاج : معنى قوله ههنا :﴿يُوصِيكُمُ﴾ أي يفرض عليكم، لأن الوصية من الله إيجاب والدليل عليه قوله :﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ النفس التى حَرَّمَ الله إِلاَّ بالحق ذلكم وصاكم بِهِ﴾ ولا شك في كون ذلك واجبا علينا.
فإن قيل : إنه لا يقال في اللغة أوصيك لكذا فكيف قال ههنا :﴿يُوصِيكُمُ الله فِى أولادكم لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الأنثيين ﴾.
قلنا : لما كانت الوصية قولا، لا جرم ذكر بعد قوله :﴿يُوصِيكُمُ الله﴾ خبرا مستأنفا وقال :﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الانثيين﴾ ونظيره قوله تعالى :﴿وَعَدَ الله الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾ [ الفتح : ٢٩ ] أي قال الله : لهم مغفرة لأن الوعد قول. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٦٥ ـ ١٦٦﴾

فصل



الصفحة التالية
Icon