قال الفخر :
اعلم أنه تعالى بدأ بذكر ميراث الأولاد وإنما فعل ذلك لأن تعلق الإنسان بولده أشد التعلقات، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام :" فاطمة بضعة مني " فلهذا السبب قدم الله ذكر ميراثهم.
واعلم أن للأولاد حال انفراد، وحال اجتماع مع الوالدين : أما حال الانفراد فثلاثة، وذلك لأن الميت إما أن يخلف الذكور والإناث معا، وإما أن يخلف الاناث فقط، أو الذكور فقط.
القسم الأول : ما إذا خلف الذكران والإناث معا، وقد بين الله الحكم فيه بقوله :﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الأنثيين ﴾.
واعلم أن هذا يفيد أحكاما : أحدهما : إذا خلف الميت ذكراً واحدا وأنثى واحدة فللذكر سهمان وللأنثى سهم، وثانيها : إذا كان الوارث جماعة من الذكور وجماعة من الاناث كان لكل ذكر سهمان، ولك أنثى سهم.
وثالثها : إذا حصل مع الأولاد جمع آخرون من الوارثين كالأبوين والزوجين فهم يأخذون سهامهم، وكان الباقي بعد تلك السهام بين الأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين فثبت أن قوله :﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الأنثيين﴾ يفيد هذه الأحكام الكثيرة.
القسم الثاني : ما إذا مات وخلف الاناث فقط : بين تعالى أنهم إن كن فوق اثنتين، فلهن الثلثان، وإن كانت واحدة فلها النصف، إلا أنه تعالى لم يبين حكم البنتين بالقول الصريح.
واختلفوا فيه، فعن ابن عباس أنه قال : الثلثان فرض الثلاث من البنات فصاعدا، وأما فرض البنتين فهو النصف، واحتج عليه بأنه تعالى قال :﴿فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثنتين فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ﴾ وكلمة "إن" في اللغة للاشتراط، وذلك يدل على أن أخذ الثلثين مشروط بكونهن ثلاثا فصاعداً، وذلك ينفي حصول الثلثين للبنتين.
والجواب من وجوه :


الصفحة التالية
Icon