فصل


قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ اثنتين فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ﴾ الآية.
فرض الله تعالى للواحدة النّصفَ، وفرض لما فوق الثنتين الثلثين، ولم يفرض للثنتين فرضا منصوصاً في كتابه ؛ فتكلم العلماء في الدّليل الذي يوجب لهما الثلثين ما هو ؟ فقيل : الإجماع وهو مردود ؛ لأن الصحيح عن ابن عباس أنه أعطى البنتين النصف ؛ لأن الله عز وجل قال :﴿ فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ اثنتين فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ﴾ وهذا شرط وجزاء.
قال : فلا أعطي البنتين الثلثين.
وقيل : أعطيتا الثلثين بالقياس على الأختين ؛ فإن الله سبحانه لما قال في آخر السورة :﴿ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ﴾ وقال تعالى :﴿ فَإِن كَانَتَا اثنتين فَلَهُمَا الثلثان مِمَّا تَرَكَ ﴾ [ النساء : ١٧٦ ] فألحقت الابنتان بالأختين في الاشتراك في الثلثين وألحقت الأخوات إذا زدن على اثنتين بالبنات في الاشتراك في الثلثين.
واعترض هذا بأن ذلك منصوص عليه في الأخوات، والإجماع منعقد عليه فهو مسلم بذلك.
وقيل : في الآية ما يدل على أن للبنتين الثلثين، وذلك أنه لما كان للواحدة مع أخيها الثلث إذا انفردت، علمنا أن للاثنتين الثلثين.
احتج بهذه الحجة، وقال هذه المقالة إسماعيل القاضي وأبو العباس المبرّد.
قال النحاس : وهذا الاحتجاج عند أهل النظر غلط ؛ لأن الاختلاف في البنتين وليس في الواحدة.
فيقول مخالفه : إذا ترك بنتين وابنا فللبنتين النصف ؛ فهذا دليل على أن هذا فرضهم.
وقيل :"فوق" زائدة أي إن كن نساء اثنتين.
كقوله تعالى :﴿ فاضربوا فَوْقَ الأعناق ﴾ [ الانفال : ١٢ ] أي الأعناق.
وردّ هذا القول النحاس وابن عطية وقالا : هو خطأ ؛ لأن الظروف وجميع الأسماء لا يجوز في كلام العرب أن تزاد لغير معنى.


الصفحة التالية
Icon