وهذا كنايةٌ عن غير مذكور وجاز ذلك لدلالة الكلام عليه ؛ كقوله ﴿ حتى تَوَارَتْ بالحجاب ﴾ [ ص : ٣٢ ] و﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القدر ﴾ [ القدر : ١ ] و﴿ السدس ﴾ رفع بالإبتداء، وما قبله خبره : وكذلك "الثُّلثُ.
والسُّدُسُ".
وكذلك ﴿ نِصْفُ مَا تَرَكَ ﴾ وكذلك ﴿ فَلَكُمُ الربع ﴾.
وكذلك ﴿ وَلَهُنَّ الربع ﴾.
و ﴿ فَلَهُنَّ الثمن ﴾ وكذلك ﴿ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السدس ﴾.
والأبوان تثنية الأب والأَبَة.
واستغنى بلفظ الأم عن أن يقال لها أبة.
ومن العرب من يجري المختلفين مجرى المتّفقين ؛ فيغلب أحدهما على الآخر لخفته أو شهرته.
جاء ذلك مسموعاً في أسماء صالحة ؛ كقولهم للأب والأم : أبوان.
وللشمس والقمر : القمران.
ولِلّيل والنهار : الملَوَان.
وكذلك العُمَران لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
غلبّوا القمر على الشمس لخفة التذكير، وغلّبوا عُمَرَ على أبي بكر لأن أيام عمر امتدّت فاشتهرت.
ومن زعم أنه أراد بالعُمَرين عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز فليس قوله بشيء ؛ لأنهم نطقوا بالعُمَرين قبل أن يروا عمر بن عبد العزيز.
قاله ابن الشَّجري.
ولم يدخل في قوله تعالى :﴿ وَلأَبَوَيْهِ ﴾ من علا من الأباء دخول من سفَل من الأبناء في قوله ﴿ أَوْلاَدِكُمْ ﴾، لأن قوله :﴿ وَلأَبَوَيْهِ ﴾ لفظ مثنَّى لا يحتمل العموم والجمع أيضاً ؛ بخلاف قوله ﴿ أَوْلاَدِكُمْ ﴾.
والدليل على صحة هذا قوله تعالى :﴿ فَإِن لَّمْ يَكُنْ لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثلث ﴾ والأمّ العليا جَدّة ولا يفرض لها الثلث بإجماع، فخروج الجدّة عن هذا اللفظ مقطوع به، وتناولُه للجَدّ مختلف فيه.


الصفحة التالية
Icon