فممّن قال هو أبٌ وحَجَب به الإخوة أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه ولم يخالفه أحد من الصحابة في ذلك أيام حياته، واختلفوا في ذلك بعد وفاته ؛ فَمِمّنْ قال إنه أبٌ ابنُ عباس وعبدُ الله ابن الزبير وعائشة ومعاذ بن جبل وأبيّ بن كعب وأبو الدرداء وأبو هريرة كلهم يجعلون الجَدّ عند عدم الأب كالأب سواء، يحجبون به الإخوة كلَّهم ولا يرثون معه شيئاً.
وقاله عطاء وطاوس والحسن وقتادة.
وإليه ذهب أبو حنيفة وأبو ثَوْر وإسحاق.
والحجّة لهم قولهُ تعالى :﴿ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ﴾ [ الحج : ٧٨ ] ﴿ يابني آدَمَ ﴾ [ الأعراف : ٢٦ ]، وقوله عليه السلام :" يا بني إسماعيل ارموا فإن أباكم كان رامياً " وذهب علي بن أبي طالب وزيد وابن مسعود إلى توريث الجدّ مع الإخوة، ولا ينقص من الثلث مع الإخوة للأب والأم أو للأب إلا مع ذوي الفروض ؛ فإنه لا ينقص معهم من السدس شيئاً في قول زيد.
وهو قول مالك والأوزاعي وأبي يوسف ومحمد والشافعي.
وكان علي يُشرك بين الإخوة والجَدّ إلى السدس ولا ينقصه من السدس شيئاً مع ذوي الفرائض وغيرهم.
وهو قول ابن أبي لَيلى وطائفة.
وأجمع العلماء على أن الجَدّ لا يرث مع الأب وأن الابن يحجب أباه.
وأنزلوا الجَدّ بمنزلة الأب في الحجب والميراث إذا لم يترك المتوفى أباً أقرب منه في جميع المواضع.
وذهب الجمهور إلى أن الجَدّ يُسقط بني الإخوة من الميراث ؛ إلا ما رُوي عن الشَّعبي عن علي أنه أجرى بني الإخوة في المقاسمة مجرى الإخوة.
والحجّة لقول الجمهور أن هذا ذَكَرٌ لا يعصّب أخته فلا يقاسم الجدّ كالعمّ وابن العمّ.