التخبط معناه الضرب على غير استواء، ويقال للرجل الذي يتصرف في أمر ولا يهتدي فيه : إنه يخبط خبط عشواء، وخبط البعير للأرض بأخفافه، وتخبطه الشيطان إذا مسّه بخبل أو جنون لأنه كالضرب على غير الاستواء في الإدهاش، وتسمى إصابة الشيطان بالجنون والخبل خبطة، ويقال : به خبطة من جنون، والمس الجنون، يقال : مس الرجل فهو ممسوس وبه مس، وأصله من المس باليد، كأن الشيطان يمس الإنسان فيجنه، ثم سمي الجنون مساً، كما أن الشيطان يتخبطه ويطؤه برجله فيخبله، فسمي الجنون خبطة، فالتخبط بالرجل والمس باليد. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٧٧﴾
وقال ابن عاشور :
التخبّط مطاوع خَبَطه إذا ضربه ضرباً شديداً فاضطرب له، أي تحرّك تحرّكاً شديداً، ولما كان من لازم هذا التحرّك عدم الاتّساق، أطلق التخبّط على اضطراب الإنسان من غير اتّساق.
ثم إنّهم يعمدون إلى فعل المطاوعة فيجعلونه متعدّياً إلى مفعول إذا أرادوا الاختصار، فعِوضاً عن أنّ يقولوا خبطه فتخبّط يقولون تخبّطه كما قالوا : اضطَرّه إلى كذا.
فتخبُّط الشيطان المرءَ جَعْله إياه متخبّطاً، أي متحرّكاً على غير اتّساق.
والذي يتخبّطه الشيطان هو المجنون الذيب أصابه الصرع.
فيضطرب به اضطرابات، ويسقط على الأرض إذا أراد القيام، فلما شبهت الهيأة بالهيأة جيء في لفظ الهيأة المشبه بها بالألفاظ الموضوعة للدلالة عليها في كلامهم وإلاّ لَما فهمت الهيأة المشبّه بها، وقد عُرِف ذلك عندهم.
قال الأعشى يصف ناقته بالنشاط وسرعة السير، بعد أن سارت ليلاً كاملاً :
وتُصبح عن غِب السري وكأنّها
ألمّ بها من طائف الجنِّ أوْلَقُ...
أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٨٢﴾
سؤالان
السؤال الأول : التخبط تفعل، فكيف يكون متعدياً ؟.
الجواب : تفعل بمعنى فعل كثير، نحو تقسمه بمعنى قسمه، وتقطعه بمعنى قطعه.
السؤال الثاني : بم تعلق قوله ﴿مِنَ المس﴾.
قلنا : فيه وجهان