والجواب عنه : أنه تعالى كلفهم في زمن سليمان فعند ذلك قدروا على هذه الأفعال وكان ذلك من المعجزات لسليمان عليه السلام والثاني : أن هذه الآية وهي قوله ﴿يَتَخَبَّطُهُ الشيطان﴾ صريح في أن يتخبطه الشيطان بسبب مسّه.
والجواب عنه : أن الشيطان يمسّه بوسوسته المؤذية التي يحدث عندها الصرع، وهو كقول أيوب عليه السلام ﴿أَنّى مَسَّنِىَ الشيطان بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾ [ ص : ٤١ ] وإنما يحدث الصرع عند تلك الوسوسة لأن الله تعالى خلقه من ضعف الطباع، وغلبة السوداء عليه بحيث يخاف عند الوسوسة فلا يجترىء فيصرع عند تلك الوسوسة، كما يصرع الجبان من الموضع الخالي، ولهذا المعنى لا يوجد هذا الخبط في الفضلاء الكاملين، وأهل الحزم والعقل وإنما يوجد فيمن به نقص في المزاج وخلل في الدماغ فهذا جملة كلام الجبائي في هذا الباب، وذكر القفال فيه وجه آخر، وهو أن الناس يضيفون الصرع إلى الشيطان وإلى الجن، فخوطبوا على ما تعارفوه من هذا، وأيضاً من عادة الناس أنهم إذا أرادوا تقبيح شيء أن يضيفوه إلى الشيطان، كما في قوله تعالى :﴿طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤوسُ الشياطين﴾ [ الصافات : ٦٥ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٧٨﴾
بحث نفيس للبقاعى
قال عليه الرحمة :
قال البيضاوي تبعاً للزمخشري : التخبط والمس وارد على ما يزعمون أي العرب أن الشيطان يخبط الإنسان فيصرع وأن الجني يمسه فيختلط عقله - انتهى.
وظاهره إنكار ذلك وليس بمنكر بل هو الحق الذي لا مرية فيه، قال المهدوي في تفسيره : وهذا دليل على من أنكر أن الصرع من جهة الجن وزعم أنه فعل الطبائع.
وقال الشيخ سعد الدين التفتازاني في شرح المقاصد : وبالجملة فالقول بوجود الملائكة والجن والشياطين مما انعقد عليه إجماع الآراء ونطق به كلام الله سبحانه وتعالى وكلام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام،
وحكي مشاهدة الجن عن كثير من العقلاء وأرباب المكاشفات من الأولياء،