فلا وجه لنفيها ؛ وقال : الجن أجسام لطيفة هوائية تتشكل بأشكال مختلفة ويظهر منها أحوال عجيبة،
والشياطين أجسام نارية شأنها إلقاء الناس في الفساد والغواية ؛ ولكون الهواء والنار في غاية اللطافة والتشفيف كانت الملائكة والجن والشياطين يدخلون المنافذ الضيقة حتى أجواف الناس ولا يرون بحس البصر إلا إذا اكتسبوا من الممتزجات - انتهى.
وقد ورد في كثير من الأحاديث عن النبي ﷺ أن " الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " وورد " أنه ﷺ أخرج الصارع من الجن من جوف المصروع في صورة كلب " ونحو ذلك ؛ وفي كتب الله سبحانه وتعالى المتقدمة ما لا يحصى من مثل ذلك،
فأما مشاهدة المصروع يخبر بالمغيبات وهو مصروع غائب الحس، وربما كان يلقى في النار وهو لا يحترق،
وربما ارتفع في الهواء من غير رافع،
فكثير جداً لا يحصى مشاهدوه - إلى غير ذلك من الأمور الموجبة للقطع أن ذلك من الجن أو الشياطين ؛ وها أنا أذكر لك من أحاديث النبي ﷺ ثم من كتب الله القديمة ما فيه مقنع لمن تدبره - والله سبحانه وتعالى الموفق : روى الدارمي في أوائل مسنده بسند حسن عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما :" أن امرأة جاءت بابن لها إلى النبي ﷺ فقالت : يا رسول الله! إن ابني به جنون وإنه يأخذه عند أغدائنا وعشائنا فيخبث علينا،
فمسح رسول الله ﷺ صدره ودعا فثعّ ثعة وخرج من صدره مثل الجرو الأسود " فثعّ ثعة بمثلثة ومهملة أي قاء وللدارمي أيضاً وعبد بن حميد بسند صحيح حسن أيضاً عن جابر رضي الله تعالى عنه قال :" خرجت مع النبي ﷺ في سفر فركبنا مع رسول الله ﷺ،
ورسول الله ﷺ بيننا كأنما على رؤوسنا الطير تظلنا،
فعرضت له امرأة معها صبي لها فقالت : يا رسول الله! إن ابني هذا يأخذه الشيطان كل يوم ثلاث مرار،