واعلم أن نفاة القياس يتمسكون بهذا الحرف، فقالوا : لو كان الدين بالقياس لكانت هذه الشبهة لازمة، فلما كانت مدفوعة علمنا أن الدين بالنص لا بالقياس، وذكر القفال رحمة الله عليه الفرق بين البابين، فقال : من باع ثوباً يساوي عشرة بعشرين فقد جعل ذات الثوب مقابلاً بالعشرين، فلما حصل التراضي على هذا التقابل صار كل واحد منهما مقابلاً للآخر في المالية عندهما، فلم يكن أخذ من صاحبه شيئاً بغير عوض، أما إذا باع العشرة بالعشرة فقد أخذ العشرة الزائدة من غير عوض، ولا يمكن أن يقال : إن غرضه هو الامهال في مدة الأجل، لأن الامهال ليس مالاً أو شيئاً يشار إليه حتى يجعله عوضاً عن العشرة الزائدة، فظهر الفرق بين الصورتين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٧٩ ـ ٨٠﴾
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قالوا إِنَّمَا البيع مِثْلُ الربا﴾ معناه عند جميع المتأوّلين في الكفار، ولهم قيل :"فَلَهُ مَا سَلَفَ" ولا يقال ذلك لمؤمن عاص بل ينقض بيعه ويرد فعله وإن كان جاهلاً ؛ فلذلك قال ﷺ :" مَن عمل عَملاً ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ " لكن قد يأخذ العصاة في الربا بطرف من وعيد هذه الآية. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٣٥٥ ـ ٣٥٦﴾
فائدة
قال الفخر :
ظاهر قوله تعالى :﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا البيع مِثْلُ الربا﴾ يدل على أن الوعيد إنما يحصل باستحلالهم الربا دون الإقدام عليه، وأكله مع التحريم، وعلى هذا التقدير لا يثبت بهذه الآية كون الربا من الكبائر.
فإن قيل : مقدمة الآية تدل على أن قيامهم يوم القيامة متخبطين كان بسبب أنهم أكلوا الربا.