ولما كان المربون بعد هذه الزواجر بعيدين من رحمة الله عبر عنهم سبحانه وتعالى بأداة البعد في قوله :﴿ومن عاد﴾ أي إلى تحليل الربا بعد انتهائه عنه نكوباً عن حكمة ربه ﴿فأولئك﴾ أي البعداء من الله ﴿أصحاب النار﴾ ولما كانت نتيجة الصحبة الملازمة قال :﴿هم فيها خالدون﴾. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٥٣٨﴾
لطيفة
قال أبو حيان :
وفي ذكر الرب تأنيس لقبول الموعظة.
إذ الرب فيه إشعار بإصلاح عبده، فانتهى تبع النهي، ورجع عن المعاملة بالربا، أو عن كل محرم من الاكتساب. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٣٤٩﴾
فصل
قال الفخر :
في التأويل وجهان
الأول : قال الزجاج : أي صفح له عما مضى من ذنبه من قبل نزول هذه الآية، وهو كقوله ﴿قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ﴾ [ الأنفال : ٣٨ ] وهذا التأويل ضعيف لأنه قبل نزول الآية في التحريم لم يكن ذلك حراماً ولا ذنباً، فكيف يقال المراد من الآية الصفح عن ذلك الذنب مع أنه ما كان هناك ذنب، والنهي المتأخر لا يؤثر في الفعل المتقدم ولأنه تعالى أضاف ذلك إليه بلام التمليك، وهو قوله ﴿فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾ فكيف يكون ذلك ذنباً الثاني : قال السدي : له ما سلف أي له ما أكل من الربا، وليس عليه رد ما سلف، فأما من لم يقض بعد فلا يجوز له أخذه، وإنما له رأس ماله فقط كما بينه بعد ذلك بقوله ﴿وإِن تبتم فلكم رؤوؤس أموالكم﴾ [ البقرة : ٢٧٩ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٧ صـ ٨٢﴾
قال ابن عاشور "
ومعنى "فله ما سلف"، أي ما سلف قبْضُه من مال الربا لا ما سلف عقده ولم يُقبض، بقرينة قوله الآتي ﴿وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم﴾ [ البقرة : ٢٧٩ ].