وقوله :﴿وأمره إلى الله﴾ فرَضَوا فيه احتمالات يرجع بعضها إلى رجوع الضمير إلى "من جاءه" وبعضها إلى رجوعه إلى ما سلف، والأظهر أنّه راجع إلى من جاءه لأنّه المقصود، وأنّ معنى ﴿وأمره إلى الله﴾ أنّ أمر جزائه على الانتهاء موكول إلى الله تعالى، وهذا من الإيهام المقصود منه التفخيم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٩٠﴾
فائدة
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿وَأَمْرُهُ إِلَى الله﴾ فيه أربع تأويلات : أحدها أن الضمير عائد إلى الربا، بمعنى وأمر الربا إلى الله في إمرار تحريمه أو غير ذلك.
والآخر أن يكون الضمير عائداً على "ما سلف" أي أمره إلى الله تعالى في العفو عنه وإسقاط التَّبِعة فيه.
والثالث أن يكون الضمير عائداً على ذي الربا، بمعنى أمره إلى الله في أن يثبته على الانتهاء أو يعيده إلى المعصية في الربا.
واختار هذا القول النحاس، قال : وهذا قول حسن بيِّن، أي وأمرُه إلى الله في المستقبل إن شاء ثبّته على التحريم وإن شاء أباحه.
والرابع أن يعود الضمير على المنتهى ؛ ولكن بمعنى التأنيس له وبسط أمله في الخير ؛ كما تقول : وأمره إلى طاعة وخير، وكما تقول : وأمره في نموّ وإقبال إلى الله تعالى وإلى طاعته. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٣٦١﴾
وقال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿وَأَمْرُهُ إِلَى الله﴾ ففيه وجوه للمفسرين، إلا أن الذي أقوله : إن هذه الآية مختصة بمن ترك استحلال الربا من غير بيان أنه ترك أكل الربا، أو لم يترك، والدليل عليه مقدمة الآية ومؤخرتها.
أما مقدمة الآية فلأن قوله ﴿فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مّنْ رَّبّهِ فانتهى﴾ ليسس فيه بيان أنه انتهى عماذا فلا بد وأن يصرف ذلك المذكور إلى السابق، وأقرب المذكورات في هذه الكلمة ما حكى الله أنهم قالوا : إنما البيع مثل الربا، فكان قوله ﴿فانتهى﴾ عائداً إليه، فكان المعنى : فانتهى عن هذا القول.