وتمسك بظاهر هاته الآية ونحوها الخوارج القائلون بتكفير مرتكب الكبيرة كما تمسكوا بنظائرها.
وغفلوا عن تغليظ وعيد الله تعالى في وقت نزول القرآن ؛ إذ الناس يومئذ قريبٌ عهدهم بكفر.
ولا بد من الجمع بين أدلّة الكتاب والسنة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٩٠ ـ ٩١﴾
وقال أبو حيان :
﴿فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون﴾ تقدّم تفسير هذه الجملة الواقعة خبراً : لمن، وحمل فيها على المعنى بعد الحمل على اللفظ، فإن كانت في الكفار فالخلود خلود تأبيد، أو في مسلم عاص فخلوده دوام مكثه لا التأييد.
وقال الزمخشري : وهذا دليل بيِّن على تخليد الفساق. انتهى.
وهو جارٍ على مذهبه الإعتزالي في : أن الفاسق يخلد في النار أبداً ولا يخرج منها، وورد عن رسول الله ﷺ، وصح أن أكل الربا من السبع الموبقات، وروي عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه : أن رسول الله لعن آكل الربا ومؤكله، وسأل مالكاً رحمه الله رجلٌ رأى سكران يتقافز، يريد أن يأخذ القمر، فقال : امرأته طالق إن كان يدخل جوف ابن آدم شر من الخمر، أتطلق امرأته ؟ فقال له مالك، بعد أن ردّه مرتين : امرأتك طالق، تصفحت كتاب الله وسنة نبيه فلم أر شيئاً أشر من الربا، لأن الله تعالى قد آذن فيه بالحرب. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٣٤٩﴾
فائدة
قال السعدى :
اختلف العلماء رحمهم الله في نصوص الوعيد التي ظاهرها تخليد أهل الكبائر من الذنوب التي دون الشرك بالله، والأحسن فيها أن يقال هذه الأمور التي رتب الله عليها الخلود في النار موجبات ومقتضيات لذلك، ولكن الموجب إن لم يوجد ما يمنعه ترتب عليه مقتضاه، وقد علم بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة أن التوحيد والإيمان مانع من الخلود في النار، فلولا ما مع الإنسان من التوحيد لصار عمله صالحا للخلود فيها بقطع النظر عن كفره. أ هـ ﴿تفسير السعدى صـ ١١٦﴾
كلام نفيس للعلامة ابن كثير :
قال رحمه الله :


الصفحة التالية
Icon