ومنها إن قائل لم قدم سليمان عليه السلام اسم نفسه على اسم الله تعالي في قوله :" إنه من سليمان " فالجواب من وجوه : الأول : أن بلقيس لما وجدت ذلك الكتاب موضوعاً على وسادتها ولم يكن لأحد إليها طريق ورأت الهدهد واقفاً على طرف الجدار علمت أن ذلك الكتاب من سليمان فأخذت الكتاب وقالت :" إنه من سليمان، فلما فتحت الكتاب ورأت بسم الله الرحمن الرحيم قالت وإنه بسم الله الرحمن الرحيم فقوله :" إنه من سليمان " من كلام بلقيس لا كلام سليمان، الثاني :" لعل سليمان كتب على عنوان الكتاب " إنه من سليمان " وفي داخل الكتاب ابتدأ بقوله " بسم الله الرحمن الرحيم " كما هو العادة في جميع الكتب فلما أخذت بلقيس ذلك الكتاب قرأت ما في عنوانه فقالت إنه من سليمان فلما فتحت الكتاب قرأت بسم الله الرحمن الرحيم فقالت : وإنه بسم الله الرحمن الرحيم، الثالث :" أن بلقيس كانت امرأة كافرة فخاف سليمان أن تشتم الله إذا نظرت في الكتاب فقدم اسم نفسه على اسم الله تعالى ليكون الشتم له لا لله تعالي.
أما قوله " الله " فاعلموا أيها الناس أنى أقول طول حياتي الله فإذا مت أقول الله وإذا سألت في القبر أقول الله وإذا جئت يوم القيامة أقول الله وإذا أخذت الكتاب أقول الله وإذا وزنت أعمالي أقول الله وإذا أجزت الصراط أقول الله وإذا دخلت الجنة أقول الله وإذا رأيت الله أقول الله.
ومنها الحكمة في ذكر هذه الأسماء الثلاثة أن المخاطبين في القرآن ثلاثة أصناف كما قال تعال :" فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات " ﴿ فاطر : ٣٢ ﴾
فقال :" أنا الله للسابقين والرحمن للمقتصدين والرحيم للظالمين وأيضاً الله هو معطى العطاء و الرحمن هو المتجاوز عن زلات الأولياء والرحيم هو المتجاوز عن الجفاء.
(١/٥٤)


الصفحة التالية
Icon