تفسير قوله تعالى: (واعلموا أن فيكم رسول الله)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد: فيقول الله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّه﴾ [الحجرات: ٧].
أيها المؤمنون المخاطبون في أول الآية اعلموا أن فيكم رسول الله، فكأنه سبحانه يقول: يا من يأتي بخبر غيب لم يحضره رسول الله ولم يعلم أحد من الخلق صدقه من كذبه، ويأتيكم معشر المسلمين به فتأخذون بقوله، هذا خطأ منكم وتفريط، واعلموا أيها الآتون بخبر أو بنبأ فاسق كذب أنكم تكذبون على الله وعلى رسوله وعلى المؤمنين، واحذروا واعلموا أن فيكم رسولاً، وقد تقدم لنا ذكره ﷺ بالرسالة، ومعنى لا تقدموا بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، ووصفه بالنبوة، ﴿لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ [الحجرات: ٢]، وهنا جاء بوصف الرسالة: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ﴾ [الحجرات: ٧]، معنى هذا: لو كذبتم عليه في غيبته وجئتم بأخبار كاذبة مغايرة للواقع والرسول موجود فيكم، هل يقره من أرسله سبحانه على تصديقكم أو على الأخذ بكذبكم؟ لا.
بل سيكشف الله له بالرسالة كذب ما جئتم به.
وقلنا: إن السنة المطهرة بعده ﷺ كقيامه في الأمة، ولو أن إنساناً جاء بنبأ يخبر فيه أن النبي ﷺ قال كذا، أو أن السنة كذا، أو أن السلف كانوا يقولون أو يعملون كذا، لقلنا له: اعلم أن عندنا سنة رسول الله مدونة؛ وسنرجع إليها ونعرف زيف خبرك من صدقه.
ويتضح هذا الأمر أكثر بقوله: ﴿لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ [الحجرات: ٢]، فلو أن إنساناً أو جماعة يقرءون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء إنسان ورفع صوته على أصواتهم نقول: كأنه رفع صوته على صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم.