أما القول الذي يدل استقراء القرآن على رجحانه فهو: أن الحروف المقطعة ذكرت في أوائل السور التي ذكرت فيها بياناً لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها. وحكى هذا القول الرازي في تفسيره عن المبرد، وجمع من المحققين، وحكاه القرطبي عن الفراء وقطرب، ونصره الزمخشري في الكشاف.
قال ابن كثير: وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس بن تيمية، وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي، وحكاه لي عن ابن تيمية.
ووجه شهادة استقراء القرآن لهذا القول: أن السور التي افتتحت بالحروف المقطعة يذكر فيها دائماً عقب الحروف المقطعة الانتصار للقرآن وبيان إعجازه، وأنه الحق الذي لا شك فيه.
وذكر ذلك بعدها دائماً دليل استقرائي على أن الحروف المقطعة قصد بها إظهار إعجاز القرآن، وأنه حق.
قال تعالى في البقرة: ﴿ال؟م؟﴾ واتبع ذلك بقوله ﴿ذَالِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾
وقال في آل عمران ﴿ال؟م؟﴾ واتبع ذلك بقوله: ﴿اللَّهُ لا؟ اله إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُنَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ﴾.
وقال في الأعراف: ﴿ال؟م؟ص؟﴾ ثم قال: ﴿كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ﴾ الآية.
وقال في سورة يونس: ﴿ال؟ر﴾ ثم قال: ﴿تِلْكَ ءايَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ﴾
وقال في سورة هود ﴿ال؟ر﴾ ثم قال: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ ءايَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾،
وقال في يوسف: ﴿ال؟ر﴾ ثم قال: ﴿تِلْكَ ءايَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ ﴿إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾.
وقال في الرعد: ﴿ال؟م؟ر﴾ ثم قال: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِى؟ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ﴾،
وقال في سورة إبراهيم ﴿ال؟ر﴾ ثم قال: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾.