فيقول:" فإن قلت فما معنى الواو ؟ قلت : الواو الأولى معناها : الدلالة على أنه الجامع بين الصفتين الأولية والأخروية، والثالثة: على أنه الجامع بين الظهور والخفاء، وأما الوسطى : فعلى أنه الجامع بين مجموع الصفتين الأوليين ومجموع الصفتين الأخريين، فهو المستمر الوجود في جميع الأوقات الماضية والآتية، وهو في جميعها ظاهر باطن : جامع للظهور بالأدلة والخفاء، فلا يدرك بالحواس وفي هذا حجة على من جوز إدراكه في الآخرة بالحاسة"(١).
المعنى الإجمالي للآية الكريمة
تناولت هذه الآية الكريمة جانبا من أسماء الله الحسنى، وهى: الأول، والآخر والظاهر، والباطن.
وهذه الآية الكريمة هي المشار إليها في حديث عرباض بن سارية : أنها أفضل من ألف آية.
وهذه الأسماء الأربعة المباركة التي جاءت في هذه الآية الكريمة قد فسرها النبي - صلى الله عليه وسلم- تفسيراً جامعاً واضحاً، فقال- صلوات الله وسلامه عليه – وهو يخاطب ربه- عز وجل- :﴿اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شي ﴾(٢).
وتمام الحديث:
عن سهيل قال : كان أبو صالح يأمرنا إذا أراد أحدنا أن ينام: أن يضطجع على شقة الأيمن: ثم يقول:﴿ اللهم رب السماوات ورب الأرض، ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين، وأغننا من الفقر، وكان يروى ذلك عن أبي هريرة عن النبي- صلى الله عليه وسلم- ﴾.
. ففسر كل اسم بمعناه العظيم، ونفى عنه ما يضاده وينافيه.
فالأول : يدل على أن كل ما سواه حادث كائن بعد أن لم يكن، ويوجب للعبد أن يلحظ فضل ربه في كل نعمة دينية أو دنيوية، إذ السبب والمسبب منه تعالى. والآخر: يدل على أنه هو الغاية، والصمد الذي تصمد إليه المخلوقات بتألهها ورغبتها، ورهبتنا، وجميع مطالبها.
والظاهر : يدل على عظمة صفاته واضمحلال كل شيء عند عظمته من ذوات وصفات على علوه.

(١) الكشاف: ٤/٤٦٠.
(٢) مسلم ب/ التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره ك/ الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار حدبث رقم/ ٢٧١٣( ٤/٢٠٨٤).


الصفحة التالية
Icon