قال مجاهد :﴿مستحلفين فيه ﴾ أىمعمرين فيه﴿من الظلمات إلى النور﴾ أى من الضلالة إلى الهدى(١).
عبر جل شأنه عما بأيديهم من الأموال بذلك تحقيقا للحق وترغيبا في الإنفاق فإن من علم أنها لله تعالى وإنما هو بمنزلة الوكيل يصرفها إلى ما عينه الله تعالى من المصارف هان عليه الأنفاق أو جعلكم خلفاء عمن كان قبلكم فيما كان بأيديهم فانتقل لكم والمعنى الأول هو المناسب لقوله تعالى ﴿ له ملك السماوات ﴾.(٢)
والاستفهام في قوله تعالى:﴿وما لكم لا تؤمنون بالله ﴾ للتوبيخ والتقريع، أيْ أىُ عذر لكم وأي مانع من الإيمان وقد أزيحت عنكم العلل؟ و(ما) مبتدأ، و( لكم) خبره، و(لا تؤمنون) في محل نصب على الحال من الضمير في( لكم) والعامل ما فيه من معنى الاستقرار وقيل المعنى أي شيء لكم من الثواب في الآخرة إذا لم تؤمنوا، وجملة ﴿ والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم ﴾ في محل نصب على الحال من ضمير (لا تؤمنون )على التداخل و(لتؤمنوا) متعلق ب (يدعوكم) أي يدعوكم للإيمان، والمعنى أي عذر لكم في ترك الإيمان، والرسول يدعوكم إليه، وينبهكم عليه، وجملة ﴿وقد أخذ ميثاقكم ﴾ في محل نصب على الحال من فاعل ﴿يدعوكم ﴾على التداخل أيضا، أي والحال قد أخذ الله ميثاقكم حين أخرجكم من ظهر أبيكم آدم، أو بما نصب لكم من الأدلة الدالة على التوحيد ووجوب الإيمان.
قرأ الجمهور:﴿ وقد أخذ﴾ مبنيا للفاعل، وهو الله سبحانه لتقدم ذكره،
وقرأ أبو عمرو: على البناء للمفعول(٣)
والواو في:﴿ والرسول يدعوكم﴾ واو الحال فهما حالان متداخلتان والمعنى وأي عذر لكم في ترك الايمان والرسول يدعوكم لتمؤنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم وقبل ذلك قد أخذ الله ميثاقكم بقوله ألست بربكم أو بما ركب فيكم من العقول ومكنكم من النظر في الأدلة.(٤)
قوله:﴿إن كنتم مؤمنين﴾ شرط جوابه محذوف دل عليه ما قبل، والمعنى: إن كنتم مؤمنين لموجب ما، فهذا موجب لا موجب وراءه، وجوز أن يكون المراد: إن كنتم ممن يؤمن فما لكم لا تؤمنون والحالة هذه، وقال الواحدي: أي إن كنتم مؤمنين بدليل عقلي أو نقلي، فقد بان وظهر لكم على يدي - محمد صلى الله تعالى عليه وسلم- ببعثته وإنزال القرآن عليه
وأيا ما كان، فلا تناقض بين هذا وقوله تعالى :﴿ وما لكم لا تؤمنوا...﴾(٥).
(٢) روح المعاني٢٧/١٦٩.
(٣) فتح القدير٤/١٦٧.
(٤) تفسير النسفي٤/٢١٥
(٥) روح المعانى٢٧/١٧٢