﴿ وله أجر كريم ﴾أي وذلك الأجر المضموم إليه الإضعاف، كريم مرضي في نفسه حقيق بأن يتنافس فيه المتنافسون، ففيه إشارة إلى أن الأجر كما أنه زائد في الكم، بالغ في الكيف، فالجملة حالية، لا عطف على ﴿ فيضاعفه﴾(١).
﴿ أجر كبير ﴾وعد منه- سبحانه وتعالى-، و فيه من المبالغات ما لا يخفى،
حيث جعل الجملة اسمية، وكان الظاهر أن تكون فعلية في جواب الأمر، بأن يقال مثلا : آمنوا بالله ورسوله، وأنفقوا تعطوا أجرا كبيرا،
وأعيد ذكر الإيمان والأنفاق، دون أن يقال فمن يفعل ذلك فله أجر كبير،
وعدل عن فللذين آمنوا منكم وأنفقوا أجر، إلى ما في النظم الكريم
وفخم، الأجر بالتنكير، ووصف بالكبير.
وأيا ما كان فأخذ الميثاق إشارة إلى ما كان منه تعالى من نصب الأدلة الآفاقية والأنفسية
والتمكين من النظير، فقوله – تعالى- :﴿ والرسول يدعوكم﴾إشارة إلى الدليل السمعي وهذا إشارة إلى الدليل العقلي، وفي التقديم والتأخير، ما يؤيد القول بشرف السمعي على العقلي
وقوله تعالى:﴿إن كنتم مؤمنين﴾شرط، جوابه محذوف، دل عليه ما قبله
والمعنى: إن كنتم مؤمنين لموجب ما، فهذا موجب لا موجب وراءه، وجوز أن يكون المراد : إن كنتم ممن يؤمن، فما لكم لا تؤمنون والحالة هذه.
وقال الواحدي : أي إن كنتم مؤمنين بدليل عقلي أو نقلي، فقد بان بأن وظهر لكم على يدي محمد - صلى الله تعالى عليه وسلم - ببعثته وإنزال القرآن الكريم عليه وأيا ما كان، فلا تناقض بين هذا وقوله تعالى :﴿وما لكم لا تؤمنون﴾(٢).
المعنى الإجمالي
الإيمان بالله-عز وجل- ورسوله- صلى الله عليه وسلم- من أجلَ نعم الله- تعالى- على العباد، ولذلك أمرالله - تبارك وتعالى - به فالمؤمنون يزدادوا إيمانا مع إيمانهم،

(١) روح المعاني ج: ٢٧ ص: ١٧٣-١٧٤
(٢) المصدر السابق.


الصفحة التالية
Icon