ولغير المؤمنين التصديق بالتوحيد، وبصحة الرسالة، ثم لما أمرهم بالإيمان أمرهم بالإنفاق في سبيل الله فقال :﴿وانفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه﴾ أي جعلكم خلفاء في التصرف فيه، من غير أن تملكوه حقيقة، فإن المال مال الله، والعباد خلفاء الله في ماله، فهذا لمال الذى في أيدي العباد، إنما هو في الواقع مال الله – عز وجل- بخلقه وإنشائه له، وجعلهم خلفاء في التصرف فيه، فينبغي على العباد أن يغتنموا الفرصة في هذه الأموال، قبل أن تزال، وينتقل إلى غيره، وليس له منه إلا ما جاء فى الحديث الشريف قوله- صلى الله عليه وسلم- :﴿ يقول ابن آدم ما لي ما لي، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت﴾
قيل لأعرابي: لمن هذه الإبل؟ فقال : هي لله تعالى عندي.
وما أحسن قول القائل :
وما المال والأهلون إلا ودائع
ولا بد يوما أن ترد الودائع
ثم ذكر- سبحانه- ثواب من أنفق في سبيل الله فقال :﴿ فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير﴾أي الذين جمعوا بين الإيمان بالله ورسوله، وبين الإنفاق في سبيل الله لهم أجر كبير وهو الجنة،﴿ ومالكم لا تؤمنون بالله﴾ أي وأي عذر لكم في ترك الإيمان والرسول يدعوكم لتمؤنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم؟ وقبل ذلك قد أخذ الله ميثاقهم بقوله ﴿ألست بربكم﴾ أو بما ركب فيهم من العقول، ومكنهم من النظر في الأدلة، فإذا لم تبق لكم علة بعد أدلة العقول، وتنبيه الرسول لكم، فما لكم لا تؤمنون به؟
فهو الذي نزل على عبده محمد- ﷺ - هذا القرآن الكريم، ليخرجكم به من ظلمات الكفر إلى نور الايمان، وإن الله بكم لرؤوف رحيم، ثم وبخهم على عدم الإنفاق فى سبيله فقال:﴿ وما لكم ان لا تنفقوا في سبيل الله ﴾أي أي شيء يمنعكم من الإنفاق في سبيل الله وفيما يقر بكم من ربكم وأنتم تموتون وتخلفون أموالكم وهي صائرة إلى الله - عز وجل ؟