﴿ يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم﴾ يعني: على الصراط،
﴿ بين أيديهم وبأيمانهم﴾ يعني عن أيمانهم: قال بعضهم: أراد جميع جوانبهم، فعبر بالبعض عن الكل، وذلك دليلهم إلى الجنة.(١)
ويمكن أن يقال : إن ما يكون من النور هذه الأمة أجلى من النور الذي يكون لغيرها، أو هو ممتاز بنوع آخر من الامتياز، وأما إيتاء الكتب بالأيمان، فلعله لكثرته فيها بالنسبة إلى سائر الأمم تعرف به.
وقيل : أريد بالنور القرآن، وقال الضحاك : النور استعارة عن الهدى والرضوان الذي هم فيه.
والمراد بالبشرى : ما يبشر به دون التبشير.
والكلام على حذف مضاف، أي ما تبشرون به دخول جنات، يصح بدونه، أي ما تبشرون به جنات.
وجملة قوله تعالى :﴿ تجري من تحتها الأنهار﴾ في موضع الصفة لجنات
وقوله سبحانه:﴿ خالدين فيها﴾ حال من جنات
قال أبو حيان : وفي الكلام التفات من ضمير الخطاب في:﴿ بشراكم﴾ إلى ضمير الغائب في :﴿خالدين﴾ ولو أجري على الخطاب لكان التركيب خالدا أنتم فيها.
وقوله تعالى:﴿ ذلك هو الفوز العظيم ﴾ يحتمل أن يكون من كلامه تعالى، فالإشارة إلى ما ذكر من النور، والبشرى بالجنات، ويحتمل أن يكون الملائكة- عليهم السلام- المتلقين لهم، فالإشارة إلى ما هم فيه، من النور وغيره، أو إلى الجنات بتأويل ما ذكر، أو لكونها فوزا على ما قيل.(٢)
المعنى الإجمالي للآية الكريمة
يبين الله- عز وجل- فى هذه الآية الكريمة أن المؤمنين يوم القيامة يسعى نورهم بين أيديهم ومن خلفهم، كما قال - سبحانه- فى موضع آخر﴿... يَوْمَ لاَ يُخْزِى اللَّهُ النَّبِيَّ وَلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَآ إِنَّكَ عَلَى كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾(٣).
وهذا النور الذى’يرى نورا حقيقيا، وهو يتفاوت على حسب إيمان صاحبه،
ولذا يقول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما-" يؤتون نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يؤتى نوره كالنخلة، ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم، وأدناهم نورا من نوره أعلى إبهامه، فيطفأ مرة ويقد مرة"
(٢) روح المعاني ج: ٢٧ ص: ١٧٥.
(٣) من الآية / ٨، من سورة التحريم.