﴿ فضرب بينهم﴾ بين الفريقين.
﴿ بسور﴾ أي حائط، والباء زائدة.
﴿ له باب باطنه﴾ أي باطن السور، أو الباب، وهو الجانب الذى يلي الجنة.
﴿ فيه الرحمة وظاهره﴾ وهو الطرف الذى يلي النار.
﴿ من قبله﴾ من جهته العذاب، وقرىء فضرب على البناء للفاعل.
﴿ ينادونهم﴾ استئناف مبني على السؤال، كأنه قيل: فماذا يفعلون بعد ضرب السور ومشاهدة العذاب ؟ فقيل: ينادونهم ألم نكن في الدنيا معكم، يريدون به موافقتهم لهم في الظاهر، قالوا بلى كنتم معنا بحسب الظاهر ولكنكم فتنتم أنفسكم، محنتموها بالنفاق وأهكلتموها، وتربصتم بالمؤمنين الدوائر وارتبتم في أمر الدين، وغرتكم الأماني الفارغة التي من جملتها الطمع في انتكاس أمر الإسلام
﴿حتى جاء أمر الله ﴾أي الموت،﴿ وغركم بالله الكريم الغرور﴾ أي غركم الشيطان بان الله عفو كريم لا يعذبكم.
وقرىء ﴿الغرور﴾ بالضم.﴿ فاليوم لا يؤخذ منكم فدية﴾ فداء.
وقرئ﴿ تؤخذ﴾ بالتاء.(١)
وقوله تعالى:﴿ فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب﴾ قال الحسن وقتادة:(٢)هو حائط بين الجنة والنار، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هو الذي قال الله تعالى:﴿ وبينهما حجاب﴾ هكذا روي عن مجاهد رحمه الله وغير واحد، وهو الصحيح.
باطنه فيه الرحمة أي الجنة وما فيها
وظاهره من قبله العذاب أي النار قاله قتادة وابن زيد وغيرهما قال ابن جرير وقد قيل إن ذلك السور سور بيت المقدس عند وادي جهنم ثم قال حدثنا ابن البرقي حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن سعد بن عطية بن قيس عن أبي العوام مؤذن بيت المقدس قال سمعت عبد الله بن عمر يقول إن السور الذي ذكره الله في القرآن فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب هو السور الشرقي باطنه المسجد وما يليه وظاهره وادي جهنم ثم روى عن عبادة بن الصامت وكعب الأحبار وعلي بن الحسين زين العابدين نحو ذلك وهذا محمول منهم على أنهم أرادوا بهذا تقريب المعنى ومثالا لذلك لا أن الذي أريد من القرآن هذا الجدار المعين ونفس المسجد وما وراءه من الوادي المعروف بوادي جهنم فإن الجنة في السماوات في أعلى عليين والنار في الدركات أسفل سافلين وقول كعب الأحبار إن الباب المذكور في القرآن هو باب الرحمة الذي هو أحد أبواب المسجد فهذا من إسرائيلياته وترهاته.
المعنى الإجمالي للنص الكريم

(١) تفسير أبي السعود ج: ٨ ص: ٢٠٨
(٢) تفسير ابن كثير ج: ٤ ص: ٣١٠


الصفحة التالية
Icon