يخبر الحق- تبارك وتعالى- فى هذا النص الكريم، عما سيقع يوم القيامة من الأهوال المزعجة، والأمور الفظيعة، وإنه لا ينجوا يومئذ إلا من آمن به، وبرسوله- صلى الله عليه وسلم- وعمل بما أمر الله به وترك ما نهى الله عنه.
قال المفسرون : يغشى الناس يوم القيامة ظلمة شديدة، فيعطى المؤمنون النور، فيمشي المنافقون في نور المؤمنين، فإذا سبقهم المؤمنون، قالوا: انظرونا نقتبس من نوركم، قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا.
وعن سليم بن عامر قال: خرجنا على جنازة في باب دمشق، ومعنا أبو أمامة الباهلي فلما صلى على الجنازة وأخذوا في دفنها، قال أبو أمامة: أيها الناس إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات، وتوشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر، وهو هذا، يشير إلى القبر، بيت الوحدة، وبيت الظلمة، وبيت الدود، وبيت الضيق، إلا ما وسع ال، له ثم تنتقلون منه إلى مواطن يوم القيامة، فإنكم في بعض تلك المواطن، حتى يغشى الناس أمر من الله، فتبيض وجوه وتسود وجوه، ثم تنتقلون منه إلى منزل آخر، فيغشى الناس ظلمة شديدة، ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورا، ويترك الكافر والمنافق، فلا يعطيان شيئا، وهو المثل الذي ضربه الله تعالى في كتابه فقال،﴿ أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور﴾
فلا يستضيء الكافر ولا المنافق بنور المؤمن، كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير،
﴿ ويقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا﴾
وهي خدعة الله التي خدع بها المنافقين، حيث قال:﴿ يخادعون الله وهو خادعهم﴾ فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور، فلا يجدون شيئا فينصرفون إليهم، وقد﴿ ضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب٠٠٠﴾ الآية، إلا أنه يقول سليم بن عامر: فما يزال المنافق مغترا حتى يقسم النور، ويميز الله بين المنافق والمؤمن.
عن ابن عباس قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-" إن الله تعالى يدعو الناس يوم القيامة بأسمائهم سترا منه على عباده، وأما عند الصراط فإن الله تعالى يعطي كل مؤمن نورا، وكل منافق نورا، فإذا استووا على الصراط سلب الله نور المنافقين والمنافقات، فقال المنافقون:﴿ انظرونا نقتبس من نوركم ﴾وقال المؤمنون ﴿ربنا أتمم لنا نورنا﴾ فلا يذكر عند ذلك أحد أحدا.


الصفحة التالية
Icon