﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُواْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَق وَلاَ يَكُونُواْ كَالَّذِينَ أُوتُواْالْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ منْهُمْ فَاسِقُونَ * إعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾.(١)
سبب النزول
أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حبان قال: كان أصحاب النبي ﷺ قد أخذوا في شيء من المزاح، فأنزل الله:﴿ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله...﴾الآية.(٢)
﴿ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ﴾استئناف لعتاب المؤمنين على الفتور والتكاسل فيما ندبوا إليه.(٣)
وقد اختلف فيمن نزلت فيه هذه الآية الكريمة على قولين:
الأول: أنها نزلت في المؤمنين، قال ابن مسعود: ما كان بين إسلامنا وبين أن عوتبنا بهذه الآية إلا أربع سنين، فجعل المؤمنون يعاتب بعضهم بعضا.
والثاني: أنها نزلت في المنافقين، قاله أبو صالح عن ابن عباس.(٤)
والمعاتب على ما قاله الزجاج: طائفة من المؤمنين، وإلا فمنهم من لم يزل خاشعا منذ أسلم إلى أن ذهب إلى ربه، وما نقل عن الكلبي ومقاتل أن الآية نزلت في المنافقين، فهم المراد بالذين آمنوا مما لا يكاد يصح.
و﴿ يأن﴾ مضارع أني الأمر أنيا وأناءا وإناءا، بالكسر إذا جاء أناه، أي وقته، أي ألم يجيء وقت أن تخشع قلوبهم لذكره - عز وجل -.
وقرأ الحسن وأبو السمال: ألما بالهمزة، ولما النافية الجازمة كلم، إلا أن فيه أن المنفي متوقع
وقرأ الحسن﴿ يئن ﴾مضارع آن أينا بمعنى أني السابق، وقال أبو العباس قال قوم إن يئين أينا الهمزة مقلوبة فيه عن الحاء وأصله حان يحين حينا وأصل الكلمة من الحين.(٥)
ومعنى الخشوع له : الإنقياد التام لأوامره ونواهيه، والعكوف على العمل بما فيه من الأحكام التي من جملتها ما سبق وما لحق من الإنفاق في سبيل الله تعالى.(٦)
(٢) لباب النقول ج: ١ ص٢٠٤.
(٣) روح المعاني ج: ٢٧ ص: ١٧٩
(٤) زاد المسير ج: ٨ ص: ١٦٧
(٥) روح المعاني ج: ٢٧ ص: ١٨٠١٧٩
(٦) تفسير أبي السعود ج: ٨ ص: ٢٠٨