﴿ وما نزل من الحق﴾ أي القرآن، وهو عطف على ما ذكر الله، فإن كان هو المراد به أيضا فالعطف لتغاير العنوانين نحو : هو الملك القرم وابن الهمام، فإنه ذكر وموعظة، كما أنه حق نازل من السماء، وإلا بأن كان المراد به تذكير الله- تعالى إياهم فالعطف لتغاير الذاتين- على ما هو الشائع في العطف، وكذا إذا أريد به ذكرهم الله تعالى بالمعنى المعروفو وجوز العطف على الاسم الجليلو إذا أريد بالذكر التذكير.
وقال الطيبي : يمكن أن يحمل الذكر على القرآن، وما نزل من الحق على نزول السكينة معه، أي الواردات الإلهية ويعضده: مارواه البراء بن عازب-(١) رضي الله عنه- قال : كان رجل يقرأ سورة الكهف، وإلى جانبه حصان مربوط بشطنين فتغشته سحابة، فجعلت تدنو وتدنو، وجعل فرسه ينفر، فلما أصبح أتى النبي-صلى الله عليه وسلم- فذكرذلك له فقال:﴿ تلك السكينة تنزلت بالقرآن﴾ (٢)
وفسر الخشوع للقرآن بالأنقياد التام لأوامره ونواهيه والعكوف على العمل بما فيه من الأحكام من غير توان ولا فتور والظاهر أنه اعتبر كون صلة الخشوع وجوز كونها للتعليل على أوجه الذكر
فالمعنى ألم يأن لهم أن ترق قلوبهم لأجل ذكر الله تعالى وكتابه الحق النازل فيسارعون إلى الطاعة على أكمل وجوهها وكأن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كما أخرج عنه ابن المنذر إذا تلاها بكى ثم قال بلى يا رب بلى يا رب.
(٢) البخاري : ك/ فضائل القرآن ب/ فضل سورة الكهف / حديث رقم/٤٧٢٤، مسلم: ك/ صلاة المسافرين وقصرها ب/ نزول ا لسكينة لقراءة القرآن / حديث رقم/٧٩٥ و الترمذي: ك/ فضائل القرآن عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ب/ ماحاء في فضل سورة الكهف/ حديث رقم/ ٢٨٨٥.