فهذا هو الفضيل بن عياض(١) يذهب ليلا لارتكاب ما نهى الله عنه، فيسمع قارئا يقرأ هذه الآية، فيرتجف وهو يقول:"بلى والله قد آن أوان الخشوع لذكر الله، اللهم إنى تبت إليك، وجعلت توبتى إليك جوار بيتك الحرام".
ثم وجه – سبحانه- خطابه إلى المؤمنين معلما إياهم بهذه الحقيقة:﴿ إعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾.
فكما أن الله- عز وجل- يحي الأرض الميتة بإنزال المطر عليها كذلك يحي الله هذه القلوب القاسية بالذكر وتلاوة القرآن الكريم، كما قال - عز شأنه- :﴿ الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾.
وهذه الآيات قد بينها الله - عز وجل- للعلم بموجبها، ليحي المؤمن فى الدنيا بحياة طيبة، ويسعد فى الآخرة بالنعيم الدائم.
ما ترشد إليه الآية الكريمة
في الآية الكريمة حض على الخشوع لذكر الله- عز وجل – وما نزل من الحق.
- القرآن الكريم جامع للذكر والموعظة، وأنه حق نازل من السماء.
القسوة مبدأ الشرور، وتنشأ من طول الغفلة، ولذلك قست قلوب أهل الكتاب.
أن الكثير من أهل الكتاب خارجون عن دينهم، رافضون لما في الكتابين، والقليل منهم مؤمنون.
أثر الذكر في القلوب، فكما يحيي الله الأرض بالغيث،- كذلك- يحي الله القلوب بالذكر.
إحياء الله الأرض بعد موتها دليل على قدرة الله- عز وجل -.
منزلة المؤمنين عند الله- عز وجل-.
قال الله تعالى:
﴿إِنَّ الْمُصَّدقِينَ وَالْمُصَّدقَاتِ وَأَقْرَضُواْ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ * وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصديقُونَ والشهداء عِندَ رَبهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾.(٢)
المناسبة

(١) فُضَيْلُ بنُ عِيَاضِ بنِ مَسْعُوْدَ بنِ بِشْر التَّمِيْمِي اليَرْبُوْعِيُّ، أبو عَلِيّ الزَّاهِد، أحَد صُلَحَاء الدُّنْيَا وعُبَّادها.
ولد بسمرقَنْد ونشأ بأبِيوَرْد وكتب الحديث بالكوفة وتَحوَّل إلى (نزمو مكة) فسكنَها ومات بها. انظر: تهذيب الكمال رقم الترجمة(٦٠١٤) و التعديل والتجريح رقم الترجمة(١٢٣١).
(٢) الآيتان : ١٨و١٩، من السورة الكريمة.


الصفحة التالية
Icon