فالصديقون هم الذين يتلون الأنبياء، والشهداء هم الذين يتلون الصديقين والصالحون يتلون الشهداء، فيجوز أن تكون هذه الآية في جملة من صدق بالرسل، أعني:﴿ والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء﴾ ويكون المعنى بالشهداء: من شهد لله بالوحدانية، فيكون صديق فوق صديق في الدرجات كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم- :﴿ إن أهل الجنات العلا ليراهم من دونهم كما يرى أحدكم الكوكب الذي في أفق السماء وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما﴾.(١)
وروي عن ابن عباس، ومسروق: أن الشهداء غير الصديقين، فالشهداء على هذا منفصل مما قبله، والوقف على قوله :﴿ الصديقون ﴾ حسن،
والمعنى: والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم، أي لهم أجر أنفسهم ونور أنفسهم، وفيهم قولان :
أحدهما: أنهم الرسل يشهدون على أممهم بالتصديق والتكذيب، ودليل هذا القول قوله تعالى:﴿وجئنا بك على هؤلاء شهيدا﴾
الثاني: أنهم أمم الرسل يشهدون يوم القيامة.
وفيما يشهدون به قولان :
أحدهما : أنهم يشهدون على أنفسهم بما عملوا من طاعة ومعصية،
وهذا معنى قول مجاهد،
الثاني: يشهدون لأنبيائهم بتبليغهم الرسالة إلى أممهم،
وقال مقاتل قولا ثالثا : إنهم القتلى في سبيل الله- تعالى-، ونحوه عن ابن عباس أيضا قال : أراد شهداء المؤمنين
والواو: واو الابتداء، والصديقون على هذا القول مقطوع من الشهداء.
وقد اختلف في تعيينهم:
فقال الضحاك : هم ثمانية نفر، أبو بكر، وعلي، وزيد، وعثمان، وطلحة، والزبير وسعد، وحمزة، وتابعهم عمر بن الخطاب- رضي الله عنهم - ألحقه الله بهم، لما صدق نبيه – صلى الله عليه وسلم-
وقال مقاتل بن حيان : الصديقون: هم الذين آمنوا بالرسل ولم يكذبوهم طرفة عين، مثل مؤمن آل فرعون، وصاحب آل ياسين، وأبي بكر الصديق، وأصحاب الأخدود.(٢)
وقد رجح الإمام ابن جرير في تفسيره قول من يقول : إن المراد بالشهداء: هم الذين قتلوا في سبيل الله فقال:(٣)
حديث رقم( ٩٦) ١/٣٧.
(٢) تفسير القرطبي ج: ١٧ ص: ٢٥٣و٢٥٤.
(٣) تفسير الطبري ج: ٢٧ ص: ٢٣١و٢٣٢، وانظر: محاسن التأويل: م٩ج١٦ص٤٧.