﴿ وتكاثر في الأموال والأولاد﴾ أي يتكاثرون بأموالهم وأولادهم ويتطاولون بذلك على الفقراء.(١)
والكاف في:﴿ كمثل غيث﴾ في محل رفع على أنه خبر بعد خبر، أي الحياة الدنيا
كمثل مطر أعجب الزراع نباته.(٢)
والكفار هنا، الزراع لأنهم يغطون البذر، فهو من كفر الحب أي ستره، والمعنى أن الحياة الدنيا كالزرع يعجب الناظرين إليه لخضرته بكثرة الأمطار ثم لا يلبث أن يصير هشيما كأن لم يكن وإذا أعجب الزراع فهو غاية ما يستحسن.
وقيل الكفار هنا: الكافرون بالله- عز وجل لأنهم أشد إعجابا بزينة الدنيا من المؤمنين.
وهذا قول حسن، فإن أصل الإعجاب لهم وفيهم، ومنهم يظهر ذلك، وهو التعظيم للدنيا وما فيها.(٣)
ووجه تخصيصهم بالذكر ظاهر،
وإما الكافرون بالله - سبحانه- ووجه تخصيصهم أنهم أشد إعجابا بزينة الدنيا، فإن المؤمن إذا رأى معجبا انتقل فكره إلى قدرة موجده عز وجل- فأعجب بها.(٤)
﴿ ثم يهيج ﴾أي يجف بعد خضرته وييبس.
﴿ فتراه مصفرا﴾ أي متغيرا عما كان عليه من الخضرة والرونق، إلى لون الصفرة والذبول.
وإنما لم يقل فيصفر، قيل : إيذانا بأن اصفراره غير مقارن لهيجانه، وإنما المترتب على رؤيته كذلك، وقيل: للإشارة إلى ظهور ذلك لكل أحد.(٥)
﴿ ثم يكون حطاما﴾ أي فتاتا هشيما متكسرا متحطما بعد يبسه.
والمعنى أن الحياة الدنيا كالزرع يعجب الناظرين إليه لخضرته وكثرة نضارته ثم لا يلبث أن يصير هشيما تبنا كأن لم يكن
وقرئ: مصفارا، والكاف في محل نصب على الحال، أو في محل رفع على أنها خبر بعد خبر، أو خبر مبتدأ محذوف.
وقدم سبحانه ذكر العذاب فقال جل وعلا :﴿ وفي الآخرة عذاب شديد﴾ لأنه من نتائج الانهماك فيما فصل من أحوال الحياة الدنيا.
وفي مقابلة العذاب الشديد بشيئين، إشارة إلى غلبة الرحمة، وأنه من باب لن يغلب عسر يسرين، وفي ترك وصف العذاب بكونه من الله تعالى مع وصف ما بعده بذلك، إشارة إلى غلبتها أيضا، ورمز إلى أن الخير هو المقصود بالقصد الأولى
﴿ومغفرة من الله ورضوان﴾ التنكير فيهما للتعظيم، أي ومغفرة عظيمة من الله. ورضوان عظيم لا يقادر قدره : قال قتادة: عذاب شديد لأعداء الله، ومغفرة من الله ورضوان لأوليائه وأهل طاعته.
(٢) تفسير انسفي ج: ٤ ص: ٢١٩و تفسير القرطبي ج: ١٧ ص: ٢٥٥.
(٣) تفسير القرطبي : ١٧/٢٥٧.
(٤) روح المعاني ج: ٢٧ ص: ١٨٤و١٨٥.
(٥) المصدر السابق: ٢٧/١٨٥.