وقوله :﴿والله لا يحب كل مختال فخور﴾. تذييل يفيد أن الفرح المذموم هو الموجب للبطر والأختيال والمختال المتكبر عن تخيل فضيلة تراءت له من نفسه والفخور المباهي في الأشياء الخارجة عن المرء كالماء والجاه.(١)
﴿والله لا يحب كل مختال فخور﴾: أي متكبر بما أوتي من الدنيا، فخور به على الناس، وقراءة العامة:﴿ آتاكم﴾ بمد الألف، أي أعطاكم من الدنيا، واختاره أبو حاتم وقرأ أبو العالية ونصر بن عاصم وأبو عمرو:﴿ أتاكم﴾ بقصر الألف، واختاره أبو عبيد. أي: جاءكم، وهو معادل ل( فاتكم) ولهذا لم يقل :(أفاتكم)
وقيل المختال: الذي ينظر إلى نفسه بعين الافتخار، والفخور: الذي ينظر إلى الناس بعين الاحتقار، وكلاهما شرك خفي،
قوله تعالى:﴿الذين يبخلون﴾ أي لا يحب المختالين الذين يبخلون، ف ﴿الذين﴾ في موضع خفض نعتا للمختال، وقيل : رفع بابتداء أي الذين يبخلون، فالله غني عنهم قيل : أراد رؤساء اليهود الذين يبخلون ببيان صفة محمد- صلى الله عليه وسلم- التي في كتبهم لئلا يؤمن به الناس فتذهب مأكلتهم، قاله السدي والكلبي.
وقال سعيد بن جبير: الذين يبخلون يعني بالعلم،﴿ ويأمرون الناس بالبخل﴾ أي بألا يعلموا الناس شيئا، وقال زيد بن أسلم : إنه البخل بأداء حق الله عز وجل، وقيل إنه البخل بالصدقة والحقوق، قاله عامر بن عبد الله الأشعري
وقال طاووس : إنه ابخل بما في يديه.
وهذه الأقوال الثلاثة متقاربة المعنى.(٢)
وفرق بعض العلماء بين البخل والسخاء بفرقين:
أحدهما : أن البخيل الذي يلتذ بالإمساك، والسخي الذي يلتذ بالإعطاء.
الثاني : أن البخيل الذي يعطي عند السؤال، والسخي الذي يعطي بغير سؤال.
﴿ ومن يتول﴾ أي عن الإيمان.
﴿ فإن الله غني﴾ عنه يجوز أن يكون لما حث على الصدقة، أعلمهم أن الذين يبخلون بها ويأمرون الناس بالبخل بها فإن الله غني عنهم وقراءة العامة بالبخل بضم الباء وسكون الخاء وقرأ أنس وعبيد بن عمير ويحيى بن يعمر ومجاهد وحميد وابن محيصن وحمزة والكسائي( بالبخل) بفتحتين، وهي لغة الأنصار
وقرأ أبو العالية وابن السميقع( بالبخل) بفتح الباء وإسكان الخاء، وعن نصر بن عاصم البخل بضمتين، وكلها لغات مشهورة.

(١) روح المعاني ج: ٢٧ ص: ١٨٨.
(٢) القرطبي: ١٧/ ٢٥٨ وما بعدها.


الصفحة التالية
Icon