وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: كنت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال:﴿ يا غلام إني أعلمك كلمات، إحفظ الله يحفظك، إحفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، . وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف﴾.(١)
والإيمان بالقدر واجب، فإذا آمن الإنسان بالقدر إيمانا كاملا، لا يعتريه شك، اطمأن في حياته، فإذا أصابه شيء علم أنه بقضاء الله وقدره، فيطمئن قلبه، قال تعالى: ﴿ومن يؤمن بالله يهد قلبه ﴾.
وللإيمان بالقضاء والقدر أركان لا يتم إلا بها:
الركن الأول: أن يؤمن الإنسان بأن الله بكل شيء عليم، وعلى كل شيء شهيد، فما من شيء حادث في السماوات والأرض، وما من شيء يحدث فيها مستقبل، إلا وعند الله علمه، ولا يخفى عليه شيء من دقيقه وجليله، قال تعالى :
﴿وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ﴾.
الركن الثاني : أن يؤمن الإنسان بأن الله كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء إلى أن تقوم الساعة، فكل شيء يحدث في الأرض، أو في السماوات، فهو مكتوب في اللوح المحفوظ قبل أن تخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وقد أشار الله إلى هذين الركنين بقوله :
﴿ ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير﴾.
الركن الثالث: أن يؤمن الإنسان بمشيئة الله العامة وقدرته الكاملة، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فكل ما حدث في السماوات والأرض، من أفعال الله أو من أعمال الخلق فإنه بمشيئة الله، قال تعالى:
﴿من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم ﴾.
وكل شيء يعمله الإنسان ويحدثه، فإنه بمشيئة الله، حتى إصلاح طعامه وشرابه وبيعه وشرائه.
الركن الرابع: أن يؤمن الإنسان بأن الله خالق كل شيء، ومقدره ومسخره، لما خلق له وأنه خالق الأسباب والمسببات، وهو الذي ربط النتائج بأسبابها وجعلها نتيجة لها

(١) الترمذي ك/ صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله – ﷺ -، ب/ ٥٩ ( ٢٥١٦).


الصفحة التالية
Icon