ولذا يجب على العبد إذا جرت أقدار الله على ما لا يحب، أن يرضى بقضاء الله – عز وجل - وقدره، وأن يستسلم للقضاء المكتوب، فإنه لا بد أن يقع، ولو حاول جميع الناس دفعه عنه، فلا راد لقضاء الله، لكن العاقبة الحميدة، لمن يقابل ذلك بالرضى ويعلم أن الأمر من الله-عز وجل- وهولا بد وأن يقع، شاء هذا الإنسان أم أبى
هذا وإن بعض الناس يفسر ما يقع من الأقدار على أنها أمور عادية، فيقول مثلا الطائرة أو السيارة احترقت لخلل فني، والبيت انهدم لخلل هندسي، والحريق اندلع لماس كهربائي، وهكذا يلتمس مسببا سواء كانا صحيحا أو غير صحيح، ولا ينظر في ما وراء ذلك من تقدير الله - سبحانه وتعالى- له ولذلك فإن المزارعين حينما تصاب محاصيلهم يعزون ذلك إلى تسمم البذور تارة، أو إلى طريقة الريٍ تارة، أو إلى شدة البرد تارة أخرى، ويغفلون عن قضية القضاء والقدر وأن هذا شيء مقدر لا بد أن يقع.
وقد يسبق إلى الأذهان، أنه إذا كان القضاء قد سبق، فلا فائدة في الأعمال، وقد سبق أن سأل الصحابة- رضوان الله عليهم -النبي - ﷺ - هذا السؤال فأجابهم بما يشفي العليل ويروي الغليل فعن علي - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ - :﴿ما منكم من أحد ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة أو النار، وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة، فقال رجل: يا رسول الله أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل؟ فقال: من كان من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة، وفي رواية أخرى : قال: اعملوا فكل ميسر، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ {فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى﴾.
ما يرشد إليه النص الكريم
- سعة علم الله-عز وجل- وإحاطته لكل شيء.
- التهديد لمن أعرض عن أمر الله – عز وجل - وطاعته.
- إن الحزن على مافات، والفرح بما هو آت، لا تأثيرله فى دفع شر، ولا مدخل له فى جلب خير، لأن كل هذه الأمور مقدرة فى علم الله-عز وجل-.
إن الفرح المنهي عنه، إنما هو ما أدى إلى الاختيال والفخر، وأما الفرح بنعم الله-عز وجل- المقترن بالشكر والتواضع، فإنه لا يستطيع أحد دفعه عن نفسه ولا حرج فيه.
- الله- سبحانه وتعالى-لا تضره طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين.


الصفحة التالية
Icon