قال بعضهم (١) :" وجه اتصالها بالواقعة أنها قدمت بذكر التسبيح وتلك ختمت بالأمرية قلت: وتمامه أن أول الحديد واقع موقع العلة للأمر به وكأنه قيل فسبح باسم ربك العظيم لأنه سبح لله ما في السموات والأرض ".
وعن الحكمة من مجيء هذه المادة بمشتقاتها في مطالع هذه السور الكريمة
يقول العلامة البيضاوي في تفسيره:(٢) " ذكر ها هنا وفي الحشر والصف بلفظ الماضي، وفي الجمعة والتغابن بلفظ المضارع، إشعارا بأن من شأن ما أسند إليه أن يسبحه في جميع أوقاته، لأنه دلالة جبلية لا تختلف باختلاف الحالات، ومجيء المصدر مطلقا في بني إسرائيل أبلغ من حيث إنه يشعر بإطلاقه على استحقاق التسبيح من كل شيء وفي كل حال وإنما عدي باللام وهو متعد بنفسه مثل نصحت له في نصحته، إشعارا بأن إيقاع الفعل لأجل الله وخالصا لوجهه".
والآن وبعد أن عرًفنا بهذه السورة الكريمة، نشرع في تفسير وتحليل أولى آيات هذه السورة الكريمة، مستمدين منه- سبحانه وتعالى- العون والتوفيق،﴿… وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب﴾.(٣)
تسبيح المخلوقات لله – عز وجل -.
قال الله تعالى :
﴿ سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.(٤)
تحليل المفردات والتراكيب
قوله تعالى: ﴿ سَبَّحَ للَّهِ﴾ التسبيح كما يقول صاحب اللسان:(٥) سبح : السبح السباحة العوم، سبح بالنهر وفيه، يسبح سبحا سباحة.
التسبيح: التنزيه، وسبحان الله معناه تنزيها لله من الصاحبة والولد، وقيل تنزيه الله تعالى عن كل ما لا ينبغي له أن يوصف له.
وفي التهذيب: سبحت الله تسبيحا وسبحانا بمعنى واحد، فالمصدر تسبيح والاسم سبحان يقوم مقام المصدر.
والتسبيح(٦)
(٢) ج: ٥ ص: ٢٩٥
(٣) من الآية / ٨٨، من سورة هود – عليه السلام -.
(٤) الآيتان الكريمتان: ١و٢، من السورة الكريمة.
(٥) اللسان: مادة سبح ص٤٧١ وما بعدها
(٦) تفسير أبى السعود١/١.