: تنزيه الله تعالى اعتقادا وقولا وعملا عما لا يليق بجنابه، من سبح في الأرض والماء، إذا ذهب وأبعد فيهما، وحيث أسند هاهنا إلى غير العقلاء أيضا، فإن ما في السموات والأرض يعم جميع ما فيهما، سواء كان مستقرا فيهما أو جزءا منهما، أريد به معنى عام مجازى شامل لما نطق به لسان المقال، كتسبيح الملائكة والمؤمنين من الثقلين، ولسان الحال كتسبيح غيرهم، فإن كل فرد من افراد الموجودات يدل بإمكانه وحدوثه على الصانع القديم، الواجب الوجود، المتصف بالكمال، المنزه عن النقصان.
والمراد بالتسبيح هنا: تنزيه الله – تعالى –عن كل مالا يليق بجلاله وكماله.
واللام في لله، إما أن تكون بمنزلة اللام في: نصحت لزيد، يقال: سبح الله، كما يقال؛ نصحت زيداً، فجيء باللام لتقوية وصول الفعل إلى المفعول؛ وإما أن تكون لام التعليل، أي أحدث التسبيح لأجل الله، أي لوجهه خالصاً.
﴿يحيي ويميت﴾: جملة مستقلة لا موضع لها من الإعراب.
واللام إمامزيده للتأكيد، كما في نصحت له، وشكرت له، أو للتعليل، أى فعل التسبيح، لأجل الله تعالى وخالصا لوجهه.
ومجيئه في بعض الفواتح ماضيا، وفي البعض مضارعا، للإيذان بتحققه في جميع الأوقات، وفيه تنبيه على أن حق من شانه التسبيح الاختياري أن يسبحه تعالى في جميع أوقاته، كما عليه الملأ الأعلى،﴿ حيث يسبحون الليل والنهار لا يفترون﴾.
وقوله تعالى:﴿ ما في السماوات والأرض﴾" أي وما في الأرض، ثم حذفت( ما) على أنها نكرة موصوفة، قامت الصفة مقامها، وهي( في الأرض )
ولا يحسن أن تكون( ما) بمعنى الذي، وتحذف، لأن الصلة لا تقوم مقام الموصوف عند البصريين، وتقوم الصفة مقام الموصوف عند الجميع، فحمله على الإجماع أولى من حملة على الاختلاف" (١)
﴿وهو العزيز﴾أي: القادر الغالب الذي لا يمانعه ولا ينازعه شيء.
﴿ الحكيم ﴾الذى لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة.
والجملة اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبله مشعر بعلة الحكم.
و قوله تعالى :﴿ له ملك السموات والأرض﴾ أى التصرف الكلى فيهما وفيما فيهما من الموجودات من حيث الإيجاد والإعدام وسائر التصرفات مما نعلمه ومالا نعلمه.
وقوله تعالى:﴿ يحيى ويميت ﴾(٢) " استئناف مبين لبعض أحكام الملك والتصرف
و يجوز أن يكون حالا من الضمير المجرور، والعامل الاستقرار".
(٢) التبيان في إعراب القرآن: ٣/٢٥٣