﴿ وهو على كل شيء ﴾ من الأشياء التي من جملتها ما ذكر من الإحياء والإماتة
﴿ قدير﴾ أي مبالغ في القدرة.
المعنى الإجمالي للنص الكريم
يخبر الله- تبارك و تعالى – فى مستهل هذه السورة الكريمة، أن الخلق كله ما في السماوات ومافي الأرض، من الحيوانات والنباتات، مما يندرج تحت هذا العموم، يسبح له سبحانه وتعالى، وآيات القرآن الكريم كثيرة وصريحة في تقرير هذه الحقيقة الكونية : قال تعالى ﴿ ألم تر أن الله يسبح له ما في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه ﴾
وقوله تعالى :﴿ ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس ﴾
وقوله: ﴿ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ﴾
وقد جاء في القرآن الكريم-أيضا- قوله تعالى :( يا جبال أوبي معه والطير )
فإذا الجبال كالطير تؤوب مع داود !
وقد ثبت عن المعصوم- صلى الله عليه وسلم- تسليم الحجر عليه.
فعن جابر بن سمرة- رضي الله عنه- قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- :﴿ إن بمكة حجرا كان يسلم علي ليالي بعثت، إني لأعرفه الآن﴾(١)
فكل شيء في السماوات والأرض قد سبح لله – عز وجل -، مالك السماوات والأرض، لأنه القادر الغالب، الذى لا يمانعه ولا ينازعه شيء، الحكيم الذى يضع الأمورفى مواضعها، فلا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة، الذي لا شريك له في ملكه، فهو تسبيح المملوك لمالكه المتفرد، الذي يحيي ويميت، فيخلق الحياة ويخلق الموت. ويقدر الحياة لكل حي ويقدر له الموت ؛ فلا يكون إلا قدره الذي قضاه، ( وهو على كل شيء قدير ) إجمالا بغير حد ولا قيد، فالمشيئة المطلقة تمضي بغير حد ولا قيد.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا عن حقيقة هذا التسبيح، وهل هو بلسان المقال، أم بلسان الحال؟
وللجواب عن هذا السؤال يقول العلامة القرطبي: فى تفسيره لآية سورة الإسراء(٢)
"اختلف في هذا العموم، هل هو مخصّص أم لا؛ فقالت فرقة: ليس مخصوصاً والمراد به تسبيح الدلالة، وكل محدَث يشهد على نفسه بأن الله عز وجل خالق قادر.

(١) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه برقم٢٢٧٧، وأحمد في المسند، الترمذي في سننه برقم /٣٦٢٤.
(٢) الآية الكريمة: ٤٤، من السورة الكريمة، وانظر الجامع لأحكام القرآن الكريم ج: ١٠ ص: ٢٦٦.


الصفحة التالية
Icon