والكتاب: أي الكتب المنزلة على الرسل، كالتوراة، والإنجيل، والزبور، والقرآن الكريم.
"وأنزلنا معهم الكتاب: أي الكتب، أي أوحينا إليهم خبر ما كان قبلهم،
والميزان: قال ابن زيد : هو ما يوزن به ويتعامل. ليقوم الناس بالقسط، أي بالعدل في معاملاتهم وقوله:﴿بالقسط﴾ يدل على أنه أراد الميزان المعروف.
وقال قوم أراد به العدل، وإذا حملنا على الميزان المعروف، فالمعنى: أنزلنا الكتاب ووضعنا الميزان فهو من باب : علفتها تبنا وماء باردا، ويدل على قوله تعالى :﴿ والسماء رفعها ووضع الميزان ﴾ثم قال:﴿ وأقيموا الوزن بالقسط﴾".(١)
ويقول الحافظ ابن كثيرفى تفسيره:(٢)
"هو الحق الذي تشهد به العقول الصحيحة المستقيمة المخالفة للآراء السقيمة، كما قال تعالى :﴿أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه﴾ وقال تعالى:﴿ فطرة الله التي فطر الناس عليها ﴾ وقال تعالى:﴿ والسماء رفعها ووضع الميزان﴾
ولهذا قال في هذه الآية:﴿ ليقوم الناس بالقسط ﴾أي بالحق والعدل وهو اتباع الرسل فيما أخبروا به، وطاعتهم فيما أمروا به، فإن الذي جاءوا به هو الحق الذي ليس وراءه حق، كما قال:﴿ وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا﴾ أي صدقا في الإخبار وعدلا في الأوامر والنواهي".
ومعنى القسط: أي العدل، من أقسط (الرباعي).
يقال: أقسط الرجل، إذا عدل، ومنه قول النبي- صلى الله عليه وسلم- ﴿المقسطون فى الدنيا على منابر من لؤلؤ يوم القيامة﴾.
ويقال: قسط الرجل، إذا جار، ومنه قوله تعالى:﴿وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا﴾.(٣)
والقيام بالقسط أي بالعدل، يشمل التسوية فى أمور التعامل باستعمال الميزان، وفى أمور المعاد باحتذاء الكتاب، وهو لفظ جامع مشتمل على جميع ماينبغى الاتصاف به معاشا ومعادا.(٤)
وقوله تعالى:﴿ وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد﴾
قال الحسن: أي خلقناه، كقوله تعالى:﴿وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج﴾
وهو تفسير بلازم الشيء، فإن كل مخلوق منزل باعتبار ثبوته فى اللوح وتقديره موجودا حيث ماثبت فيه.
وقال مطرب: هيأناه لكم وأنعمنا به عليكم من نزل الضيف.(٥)

(١) القرطبي ج: ١٧ ص: ٢٦٠.
(٢) ج: ٤ ص: ٣١٥.
(٣) أنظر غريب القرآن لابن قيبةص١١٩، واللسان، مادتي: قسط وأقسط.
(٤) روح المعاني١٥/٢٨٨.
(٥) روح المعانى١٥/٢٨٩.


الصفحة التالية
Icon