والحديد لازمة من لوازم بناء الخلية الحية في كل من النبات والحيوان والانسان إذ تدخل مركبات الحديد في تكوين المادة الخضراء في النباتات ( الكلوروفيل ) وهو المكون الأساسي للبلاستيدات الخضراء التي تقوم بعملية التمثيل الضوئي اللازمة لنمو النباتات، ولانتاج الأنسجة النباتية المختلفة من مثل الأوراق والأزهار، والبذور والثمار والتي عن طريقها يدخل الحديد إلي أنسجة ودماء كل من الانسان والحيوان، وعملية التمثيل الضوئي هي الوسيلة الوحيدة لتحويل طاقة الشمس إلي روابط كيميائية تختزن في أجساد جميع الكائنات الحية، وتكون مصدرا لنشاطها أثناء حياتها، وبعد تحلل أجساد تلك الكائنات بمعزل عن الهواء تتحول إلي مختلف صور الطاقة المعروفة ( القش، والحطب، والفحم النباتي، والفحم الحجري، والغاز الفحمي والنفط، والغاز الطبيعي وغيرها )
والحديد يدخل في تركيب بروتينات نواة الخلية الحية الموجودة في المادة الحاملة للشفرة الوراثية للخلية ( الصبغيات ) كما يوجد في سوائل الجسم المختلفة، وهو أحد مكونات الهيموجلوبين وهي المادة الأساسية في كرات الدم الحمراء، ويقوم الحديد بدور مهم في عملية الاحتراق الداخلي للأنسجة والتمثيل الحيوي بها. ويوجد في كل من الكبد، والطحال والكلي، والعضلات والنخاع الأحمر، ويحتاج الكائن الحي إلي قدر محدد من الحديد إذا نقص تعرض للكثير من الأمراض التي أوضحها فقر الدم والحديد عصب الصناعات المدنية والعسكرية فلا تكاد صناعة معدنية أن تقوم في غيبة الحديد. (١)
ولكن لماذا خص الله تعالى الحديد بالذكر؟
وللجواب على هذا السؤال يقول الإمام الرازي في تفسيره:(٢) " إن الحديد لما كانت الحاجة إليه شديدة، جعله الله سهل الوجدان، كثير الوجدان، كثير الوجود، والذهب لما كانت حاجة الناس إليه قليلة، جعله الله - تعالى- عزيز الوجود...
وبهذا يتجلى رحمة الله على عباده، فإن كل شيء حاجتهم إليه أكثر جعل الحصول عليه أيسر...
فالهواء وهو أعظم ما يحتاج الإنسان إليه جعل الله تعالى الحصول عليه سهلا ميسورا، فعلمنا من ذلك أن كل شيء كانت الحاجة إليه أكثر، كان وجدانه أسهل...
ولما كانت الحاجة إلى رحمة الله – تعالى- أشد من الحاجة إلى كل شيء، فيرجوه من فضله أن يجعلها أسهل الأشياء وجدانا، كما قال الشاعر:
سبحان من خص العزيز بعزة * والناس مستغنون عن أجناسه
(٢) مفاتيح الغيب: ٢٩/٢٤٣.